إلى سقوط العالم العربى تحت السيادة العثمانية (٥) وبالتالى توقفت المشروعات الإسلامية والعربية وليس مصادفة أن تتوقف أنواع أدبية وكتابية كثيرة منها أدب الرحلة ومنها أن النموذج الإفرنجى / الأوروبى تحول إلى نموذج جديد للتقدم ، فى حين وقفت الثقافة العربية تجتر الماضى المجيد وتتحسر عليه ، وتقوم بجمع وكتابة الموسوعات لتعويض الخسائر الفادحة فى كتبها ومخطوطاتها التى احترقت أو أغرقت أو سرقت أو طمرت بسبب الحروب الموجهة ضدها. وبسبب تحول النموذج الثقافى إلى نقيض الذات العربية والإسلامية خلقت مشكلة العلاقة بين ما أنتجناه فى فترات غفلة أوروبا ، وما يجب أن تأخذه منها بعد فترات غفلتنا وهى مشكلة صيغت فيما بعد وفى معادلة الأصالة والمعاصرة أو فى شكل صيغة الأصيل والوافد. لقد خبت شعلة الإبداع والرحلة بالنسبة لما كان خلال العصرين الأموى والعثمانى. إذ يتباطأ تطور الآداب والعلوم العربية منذ بداية القرن الحادى عشر مع نمو حجمها واتساع انتشارها ويضعف نشاط الترجمة ثم لا يلبث أن يخمد نهائيا. ويمكن اعتبار ترجمة المؤلف التاريخى لأرسيوس من اللاتينية فى إسبانيا وتراجم (البيرونى) من السنسكريتية فى" غزنة" التماعات أخيرة لهذا النشاط ، على أنها لم تؤثر تأثيرا يذكر على تطور الثقافة العربية ...... وتلاشى الاهتمام بما هو مكتوب باللغات الأخرى وما وصلت إليه الشعوب والحضارات الأخرى فى مجال الثقافة الروحية وتوقف تدفق المعلومات من خارج حدود العالم العربى الإسلامى. ما عدا أخبار الرحالة عن مختلف الغرائب (٦).