بكل طيبة خاطر. بدأ الحديث بالطبع عن الحرب (١) التي كانت حينئذ قد بدأت ، وقد أمر بإحضار / ١٤٩ / خرائط جغرافية تركية ليتتبع عليها التوضيحات التي كان يطلبها مني.
وجعلته أنا بدوري يتحدث عن الموضوعات التي تهمني أكثر من غيرها ، عن البلد الذي يحكمه ، وقد استقيت منه المعلومات التي ذكرتها سابقا عن مدينة النبي صالح المهدمة. لقد زودني بمعلومات أخرى هي في نظري موضع شك : فهو ، على سبيل المثال ، رفع عدد سكان مكة المكرمة إلى ١٠٠ ألف نسمة ، مع أن عدد سكانها لا يبلغ نصف هذا العدد ، وقال : إن عدد سكان مكة المكرمة الذين تساعدهم إستانبول يبلغ ٢٠ ألفا. وعلمت منه أن إحدى أرامل ملك لاهور رونجيت ـ سينغ (٢) Runjet ـ Singh جاورت بعد موت زوجها في مكة المكرمة ، وهي تعيش من المساعدة التي تقدمها لها شركة الهند الشرقية ، وهي تمارس في عزلتها كل الفضائل التي أمر بها الإسلام.
وأود هنا أن أروي طرفة حدثت في جدة الصيف الماضي ، وهي تكشف بوضوح فساد الطبائع لدى السيدات في الشرق ؛ ولكن رواية تلك الطرفة
__________________
(١) بين روسيا والإمبراطورية العثمانية ، وقد جرت هذه الحرب بين (١٨٥٣ ـ ١٨٥٦ م) في فترة حكم الإمبراطور نقولاNicolas (١٨٢٥ ـ ١٨٥٥) ، والتي انتصر فيها ، وكاد ينجح في إسقاط الإمبراطورية العثمانية لو لا تدخل فرنسا وبريطانيا للحفاظ عليها (حرب القرم Crime ١٨٥٤ ـ ١٨٥٥ م) ، فانهزم نقولا في معركة سيباستوبول Sbastopol ، واضطر حسب معاهدة باريس ؛ ١٨٥٦ م) أن يتلخى عن بعض الأراضي التي احتلها ، وعن الوجود الروسي البحري في البحر الأسود. واشتركت مصر في هذه الحرب إلى جوار الدولة العثمانية ، وقد أشار بيرتون في رحلته إلى حماسة المصريين ورغبتهم بالجهاد ضد الروس. انظر : رحلة بيرتون إلى مصر والحجاز ، موثق سابقا ، ج ٢ ، ص ١٧.
(٢) ولد عام ١٧٨٠ وتوفي عام ١٨٣٩ م ، حاكم هندي (مهراجا) كان يعرف ب «أسد البنجاب» ، حصل على ولاية لاهور منحة من زمان شاه ملك أفغانستان بعد أن استولى عليها وعمره ٢٠ سنة بقوة السلاح.