من القرآن ، ويكاد كل شيء يكون محددا بالمبادىء الإلهية. ولا نستطيع تعديل أي مادة دون أن نهدم بذلك الصرح كله.
لقد كان الوهابيون ، وسعود على رأسهم ، يأملون ، وهم يدعون إلى العودة إلى المفهوم الأصلي للإسلام ، وإلى جوهر الشريعة الإسلامية ، كانوا يأملون ، وقد حققوا ذلك ، بأن يقيموا في الجزيرة العربية دولة تترك لكل قبيلة حرية حركتها ، وحياتها الفردية ، وتتوحد جميعا تحت سلطة على الشريعة مشتركة مصدرها القرآن ؛ أي الذات الإلهية نفسها ؛ لتنتقل من الفوضى إلى النظام ، وينبغي على الفرد أن ينضوي تحت لواء المصلحة العامة. أما الخصومات الخاصة التي كان حلها متروكا للمصادمات الدموية الناشئة عن قتال يتجدد باستمرار ، فقد أصبحت اليوم تعرض على محكمة عليا ، ليس لها أي مصلحة في القضايا المتنازع عليها ، وكانت كل أوامر الله عزوجل ، عبادة الله ، والله وحده ، والزكاة ، وصرامة الطبائع ، وبساطة الثياب ، كل ذلك ، كان يطبق دون أي تهاون.
كان عدد كبير من البدو ، يعيشون في جهل مطبق بأبسط المفاهيم الأولية / ١٨٢ / للشريعة الإسلامية ، مع أنهم ولدوا قريبين كل القرب من مهد النبي محمد صلىاللهعليهوسلم ، وكانت عبادتهم تكاد تقتصر على التكرار الآلي والدوري للصيغة التي تلخص شريعة الإسلام «لا إله إلا الله محمد رسول الله». وكانوا يجهلون كل شيء غيرها. أمّا أولئك الذين كانوا يعرفون أكثر من ذلك بقليل ، فإنهم لم يكونوا يطبقون أي شعائر دينية ؛ فإن نصحتهم بالوضوء ، أجابوا أنه لم يعد لديهم ماء للقيام بذلك ، وإن حدثتهم عن وجوب صيام رمضان ، فإنهم يعفون أنفسهم من ذلك قائلين : إنه ليس من الضروري فعل ذلك ، لأنهم يصومون طوال السنة. ولم يكونوا أكثر حماسة للصلاة. وإن قلت لهم إن الله عزوجل قد أمر بها يجيبون : «إننا لم نسمع ذلك» ؛ وإن أضفت قائلا : إن أوامر الله عزوجل محفوظة في القرآن الكريم ، ردّوا عليك بالقول : إنهم لا يحسنون القراءة. إذا لقد كان شأن دين أكثر الناس جهلا ، شأن دين أولئك الذين هم أكثر اطلاعا ؛ إذ يقتصر على التأليه الغامض دون عقائد ولا عبادات. بل إن