نصح له قائلا : «لا تقاتل الأتراك أبدا في أرض مكشوفة» ؛ ولأنه لم يتبع هذه النصيحة القيمة ، وقعت تلك الطامة الكبرى (١). لم يكن عبد الله يقود القوات بنفسه في معركة بسل ، بل كان على رأس جماعة من الاحتياطيين ؛ كان عليها حماية منطقة أخرى من حدوده. وكان يقود القوات الموجودة في بسل أخوه فيصل (٢).
لقد تمتع الأتراك وأسرفوا في استغلال النصر بوحشيتهم المعهودة ؛ فقد كان هناك ثلاث مئة من الأسرى الذين وعدوا بصيانة حياتهم ، ثم رفعوا على الخوازيق بأمر من محمد علي : خمسون على أبواب مكة المكرمة ، ومثلهم على باب جدة ، والباقون على طول الطريق الواصل بين المدينتين. وظلت أجساد أبناء الصحراء الشجعان معروضة حتى ملأت الضواري والوحوش بطونها
__________________
(١) يقول بوركهارت في : مواد ... ، موثق سابقا ، ص ٧٤ : «... وربما كان سبب هزيمة الوهابيين نزولهم من الجبال إلى السهل ؛ إذ لم تكن لديهم أية وسائل لمقاومة الفرسان الأتراك. وكان سعود قد حذّر ابنه في كلماته الأخيرة التي وجهها إليه من القيام بمثل ذلك العمل. لكن احتقارهم للجنود الأتراك ، ورغبتهم في إنهاء الحملة ، وربما رغبتهم في اعتقال محمد علي شخصيا ، من الأمور التي جعلتهم ينسون الأسلوب الحكيم الذي اتبعوه في الحرب من قبل ...». وجاء في : مواد ... ، موثق سابقا ، ص ٥٣ : «... ويقال إن كلمات سعود الأخيرة كانت موجهة إلى ابنه عبد الله ناصحا إياه بقوله : «لا تقاتل الأتراك في أرض مكشوفة» وهذا مبدأ لو اتّبع بدقة لمكّن شعبه ، بدون شك ، من استعادة الحجاز».
(٢) فيصل بن سعود أخو عبد الله أمير الوهابيين ، كان أوسم رجل في الدرعية وألطفهم ، ويحبه العرب كثيرا قتل أثناء حصار الدرعية ١٢٣٣ ه. عنوان المجد ، ج ١ ، ص ٢٧٢. وكان لسعود أبناء آخرون غير عبد الله وفيصل ، وهم ناصر الذي توفي عام ١٢٢٥ ه ، وتركي بن سعود الذي توفي قرب نهاية حصار الدرعية. وإبراهيم الذي قتل في أثناء حصار الدرعية ، أما فهيد (فهد) وعمر فقد كانا ضمن من نقلهم محمد علي إلى مصر سنة ١٢٣٤ ه ، ومن أبناء سعود أيضا مشاري وسعد وعبد الرحمن وحسن وخالد ، انظر : آل سعود ، ص ١٦ ـ ١٧ ، وعنوان المجد ، ج ١ ، ص ٢٧٢ ، ٢٠٣ ـ ٢٠٥ ، ٢٧٦. وانظر : مواد ... ، موثق سابقا ، ص ٣٣ والحواشي.