ولما كانت حميرنا قد سبقت الجمال بقدر / ١٨ / ما سبقتها في اليوم السابق فقد كان علينا أن نتوقف عند الظهيرة لانتظار القافلة ، وتناولنا غداءنا على الرمل كما فعلنا في اليوم السابق. وبينما كنا نزيل قشور البيض المسلوق والبرتقال أدركنا مسافر يمشي على قدميه ، ويسير وراءه مرافق يسوق أمامه حمارا تعتليه امرأة : كان المسافر هنديا ، وكانت المرأة زوجته ، وكان عائدا من مكة المكرمة بعد الحج ، وقد أراد مع زوجته ومرافقه أن يمروا بالقاهرة قبل العودة إلى بلادهم ؛ بأية طريقة؟ الله أعلم! وعند ما شاهد الهندي السيد بيرتون عرفه من النظرة الأولى لأنه سبق أن رآه في جبل عرفات قبل بضعة أشهر ، وهو يؤدي بورع شأنه شأن الهندي مناسك الحج الأخير ؛ وقد حيّاه مناديا إياه باسم الشيخ عبد الله ؛ وهو الاسم الذي يحمله بيرتون في الشرق. لقد عرف كل منهما الآخر ، وأخذ الحاجان يتجاذبان أطراف الحديث باللغة الهندية العالية ، وهي لغة كان بيرتون يتقنها كل الإتقان شأنه مع اللغة العربية ، وربما كان يتحدثها أفضل من الهندي نفسه باعتبار أنه ألف كتابا في قواعد واحدة من أكثر اللغات الهندية صعوبة وهي الهندوستانية. لقد كانت مرافقة اثنين من غير المسلمين مثلنا محرجة لبيرتون ؛ ولكنها على أي حال لم تزعزع الثقة التي كان الهندي العجوز يضعها في عقيدة مواطنه المزعوم الذي استطاع أن يخرج منتصرا من هذا الموقف الحرج. / ١٩ / كانت تبدو في الأفق غزالة
__________________
ـ بعضها وعلق في الشجرة ، ولهذا فإن الناس يعلقون هذه الخرق كذكرى لما حدث مع الرسول الكريم صلىاللهعليهوسلم» وعلق مخرجا الكتاب بالقول في ص (٣٧٧) الحاشية : من المستحيل أن تكون الشجرة المذكورة هي شجرة الرضوان ؛ لأن الثابت تاريخيا أن هذه الشجرة قد قطعها عمر بن الخطاب رضياللهعنه ؛ دفعا لهذه البدع. غير أن الناس لم يتورعوا عن ذلك فيما بعد فاتخذوا لهم شجرة ربما كانت في المنطقة المجاورة للشجرة القديمة. ولكن الشجرة التي يتحدث عنها ديدييه تقع على الطريق بين القاهرة والسويس ولعلها عند مقام ضريح أحد الأولياء الذين يكثرون في تلك المناطق.