موطنه والتجأ إلى هذه القرية منذ زمن بعيد ، واختلط هناك بالاعراب وتصاهر معهم حتى احتل مكانا مرموقا بينهم. وقد حمل إليه القبوجي إبراهيم خلعة من السردار. لكننا لم نذهب إلى القرية لأنها كانت محاطة بمياه الفيضان ، كما أن الجمالين لم يستحسنوا الذهاب إلى هذه الحاضرة ليتملصوا من تأدية إتاوة جديدة من المؤكد انها تجمع هناك. فضربنا خيامنا حيث وجدنا.
وبعد ان جزنا العرجة بمسافة ، طلب القبوجي من أحد الغلمان ان يذهب سباحة إلى القرية ليخبر حسن آغا بهدية السردار التي يحملها إليه وانه مستعد للذهاب إليه إن دله على طريق سالك ، وطلب إليه أن يرسل إليه غير واحد من حاملي البنادق لخفره في البر. وهكذا توقفنا ذلك النهار ننتظر الجواب مع الرسول.
لاحظت في ذلك الموقع وجود أصداف بحرية بعضها كاملة والأخرى متكسرة فاستغربت وجودها لبعد المكان عن البحر ، كما رأيت هناك قطعا من القار متناثرة في تلك الأرض السبخة فأخذت نماذج منها.
في تلك الليلة توجسنا شرا من هجوم بعض الأعراب الذين يطلق عليهم اسم «المعيدي» وهم رعاة الجاموس. هؤلاء يتجولون في البيداء تارة ويسكنون في البيوت تارة أخرى ، ويختلفون عن البدو ، فالبدو أرقى طبقة بين العرب ، أما أقلهم منزلة فهم الحضر ... فاتقاء لشرهم ابتعدنا عن ذلك المكان نحو ميل ونزلنا في موضع خرب بشكل تل.
كان الفرس قد زاروا حسن آغا صاحب العرجاء أثناء ثورات بغداد ، وحملوا إليه تاجا (١) مرسلا من الشاه كما هي عادته في الإرسال به إلى ذوي
__________________
(١) شرح السائح معنى التاج الفارسي في إحدى رسائله من أصفهان ، قال : «أعد إسماعيل جيشا من التركمان ... سماه قزل باش أي الرأس الأحمر ذلك لأنه ألبس رؤوس هذا الجيش ملبوسا أحمر ... ويسمى هذا الملبوس تاجا هو علامة الجيش ورماة النبال ... ويوافق أحيانا أن يجعل الملك أحد الأجانب قزلباشيّا إظهارا مرضاه عنه وذلك بتشريفه بالتاج ...».