الشأن عندما يريد دعوتهم إلى خدمة مصلحته وإعلانهم الوقوف إلى جانبه. فتسلم حسن آغا التاج ، فصار الأتراك من جراء بعض تصرفاته يشكون ـ ولو شكّا ضعيفا ـ في إخلاصه لهم. فنوى أحد البواشية قتله لكنه لم يفعل ، ولعله لم يجد في نفسه المقدرة على ذلك. قرر أن يرسل الهدية التي ذكرتها ليجعله يقوم دائما بما هو مفروض عليه من الخضوع للسلطان.
آثار المقير (أور)
لم نرتحل في ١٩ حزيران إذ بقينا في موضعنا منتظرين رجوع الجواب من حسن آغا. وفي صباح ذلك اليوم ذهبت إلى خرائب الأبنية القديمة التي نزلنا عندها لا تفحصها بعناية أكبر ، فلم أعرف بالضبط أصلها ، لكني وجدتها في حالة جيدة ، وهي مبنية بالآجر المشوي كبير الحجم ، ومعظمها تحمل كتابة وختما في وسطها بحروف غريبة مجهولة تظهر لي قديمة جدا. فأخذت أجرة منها ، ولاحظت أن الآجر ملتصق إلى بعضه في البناء لا بالملاط ولكن بالقار أو الزفت الذي ينبع في تلك السهول كما ذكرت قبل قليل. ويطلق العرب على ذلك التل الخراب اسم «المقير».
وصل إلينا عند المساء رجلان أوفدهما حسن آغا إلى القبوجي مع مكاتيب منه ، وقد أكد له فيها أنه سيرسل إليه بمؤنة ، ورجع مع مكاتيب منه ، وقد أكد له فيها أنه سيرسل إليه بمؤنة ، ورجع الرجلان إلى سيدهما وهما غير راضين لان القبوجي لم ينفحهما بشيء!.
صباح العشرين من حزيران عدت إلى الخرائب وطفت حولها فوجدت على الأرض قطعا من الرخام الأسود الصلب ، ناعم الملمس ، حفرت فيه أحرف من نفس الشكل الذي وجدته على الآجر. وهي حسب اعتقادي تستعمل كالختم الذي لا يزال الشرقيون يستعملونه إلى اليوم ، لأن اختامهم هي عبارة عن أحرف أو كلمات محفورة لاسم صاحبها ومعها شعارات تعبر عن التواضع والتقوى ، أو بعض عناوين الشرف ، أو كلمات أخرى حسب رغبة صاحب الختم لأنه يستعملها لشخصه فقط ولا تعمم على أفراد الأسرة كافة كما هي