كل الامصار بإتخاذ ذلك اللعن سنة يقولها الخطباء على المنابر ، ولما استاء من ذلك بعض الصحابة واستنكر هذا الفعل أمر معاوية بقتلهم وحرقهم وقد قتل من مشاهير الصحابة حجر بن عدي الكندي وأصحابه ودفن بعضهم أحياء لانهم امتنعوا عن لعن علي واستنكروه وقد أخرج أبوالاعلى المودودي في كتابه « الخلافة والملك » نقلا عن الحسن البصري قال : أربع خصال كن في معاوية لو لم تكن فيه إلا واحدة لكانت موبقة له :
(١) أخذه الامر من غير مشورة وفيهم بقايا الصحابة ذوو الفضيلة.
(٢) استخلافه بعده ابنه سكيرا خميرا يلبس الحرير ويضرب الطنابير.
(٣) ادعاؤه زيادا وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله الولد للفراش وللعاهر الحجر.
(٤) قتله حجرا وأصحاب حجر فياويلا له من حجر وياويلا له من حجر وأصحاب حجر (١).
وكان بعض المؤمنين من الصحابة يفرون من المسجد بعد الفراغ من الصلاة حتى لا يحضروا الخطبة التي تختم بلعن علي وأهل بيته ، ومن أجل ذلك غير بنو أمية سنة رسول الله وقدموا الخطبة على الصلاة حتى يحضرها الناس ويرغموا بذلك أنوفهم.
مرحى لهؤلاء الصحابة الذين لا يتورعون عن تغيير سنة الرسول وحتى أحكام الله للوصول إلى أغراضهم الدنيئة وأحقادهم الدفينة ومطامعهم الخسيسة ، ويلعنون رجلا أذهب الله عنه الرجس وطهره تطهيرا وأوجب الصلاة عليه كالصلاة على رسوله ، وأوجب الله ورسوله مودته وحبه حتى قال النبي : « حب علي إيمان وبغضه نفاق » (٢).
ولكن هؤلاء الصحابة بدلوا وغيروا وقالوا سمعنا وعصينا وبدلا من أن يصلوا عليه ويحبوه ويطيعوه ، شتموه ولعنوه طيلة ستين عاما كما جاء في كتب التاريخ.
فإذا كان أصحاب موسى قد تآمروا على هارون وكادوا يقتلونه ، فإن بعض أصحاب محمد قتلوا هارونه وتتبعوا أولاده وشيعته تحت كل حجر ومدر ومحوا أسماءهم من الديوان
__________________
( ١ ) أبوالاعلى المودودي كتاب الخلافة والملك ص ١٠٦.
( ٢ ) صحيح مسلم ج ١ ص ٦١.