ومنعوا أن يتسمى أحد باسمه ، ولم يكتفوا بكل ذلك بل لعنوه وحملوا الصحابة المخلصين على ذلك قهرا وظلما.
وإني والله لاقف حائرا مبهوتا عندما أقرأ صحاحنا وما سجل فيها من حب الرسول لاخيه وابن عمه علي وتقديمه على كل الصحابة حتى قال فيه : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي (١). وقال له : أنت مني وأنا منك (٢) وقال : حب علي إيمان وبغضه نفاق (٣) ، وقال أنا مدينة العلم وعلي بابها (٤) وقال : علي ولي كل مؤمن بعدي (٥). وقال : من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه (٦) ، ولو أردنا استقصاء الفضائل التي ذكرها النبي في علي والتي أخرجها علماؤنا معترفين بصحتها لاستوجب كتابا خاصا ، فكيف يا ترى يتجاهل الصحابة هذه النصوص ويسبون عليا وينصبون له العداء ويلعنونه فوق المنابر وكيف يقاتلونه ويقتلونه.
وإني أحاول عبثا أن أجد مبررا لهؤلاء فلا أجد غير حب الدنيا والتنافس فيها أو النفاق أو الارتداء والانقلاب على الاعقاب ، وأحاول أيضا إلصاق هذه المسؤولية بحثالة الصحابة وبعض المنافقين ، ولكن هؤلاء ـ للاسف الشديد ـ معدودون من أكابرهم وأفاضلهم ومشاهيرهم ، فأول من هدد بحرق بيته ـ بمن فيه ـ هو عمر بن الخطاب ، وأول من حاربه هو طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر ، ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وأمثالهم كثيرون.
وإن عجبي لكبير وسوف لن ينتهي ، كما يؤيدني في ذلك كل مفكر حر ، عاقل ، كيف يجمع علماء أهل السنة والجماعة على عدالة الصحابة كافة ويترضون عليهم بل ويصلون عليهم أجمعين ، لا يستثنون منهم واحدا حتى قال بعضهم : « إلعن يزيد ولا
__________________
( ١ ) صحيح البخاري ج ٢ ص ٣٠٥ ، مسلم ج ٢ ص ٣٦٠ ، مستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٠٩.
( ٢ ) صحيح البخاري ج ٢ ص ٧٦ ، صحيح الترمذي ج ٥ ص ٣٠٠ ، سنن إبن ماجه ج ١ ص ٤٤.
( ٣ ) صحيح مسلم ج ١ ص ٦١ ، سنن النسائي ج ٦ ص ١١٧ صحيح الترمذي ج ٨ ص ٣٠٦.
( ٤ ) صحيح الترمذي ج ٥ ص ٢٠١ مستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٢٦.
( ٥ ) مسند الامام أحمد ج ٥ ص ٢٥ مستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٣٤ ، صحيح الترمذي ج ٥ ص ٢٩٦.
( ٦ ) صحيح مسلم ج ٢ ص ٣٦٢ مستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٠٩ مسند أحمد ج ٤ ص ٢٨١.