الصحابة والخلفاء الذين كانوا أمراءهم وقدوتهم فتجدهم مرة يتأولون الاحاديث الصحيحة الثابتة ويحملونها غير معانيها ، ومرة يكذبون الاحاديث التي تناقض مذهبهم وإن وردت في صحاحهم وأسانيدهم ، ومرة يحذفون من الحديث نصفه أو ثلثيه لببدلوه بكذا وكذا!! ومرة يشككون في الرواة الثقات لأنهم حدثوا بما لا تهوى أنفسهم ، ومرة يخرجون الحديث في الطبعة الاولى ويحذفونه في الطبعات الأخرى بدون أي اشارة الى مبرر الحذف رغم أن المطلعين يدركون سبب ذلك!!
وقد تحقق لدي كل هذا بعد البحث والتمحيص وعندي أدلة قاطعة على ما أقول ، فليتهم إذ يحاولون عبثا كل هذه المحاولات لتبرير أعمال الصحابة الذين انقلبوا على الاعقاب ، فجاءت أقوالهم متناقضة بعضها مع بعض ومتناقضة مع التاريخ. ليتهم اتبعوا الحق ولو كان مرا إذا لاراحوا واستراحوا ، ولكانوا سببا في جمع شمل هذه الامة المتمزقة والمتناحرة لا لشيء إلا لتأييد أقوالهم أو تفنيدها.
وإذا كان بعض الصحابة الاولين غير ثقاة في نقل الاحاديث النبوية الشريفة فيبطلون منها ما لا يتماشى وأهواءهم وخصوصا إذا كانت هذه الاحاديث من الوصايا التي أوصى بها رسول الله صلىاللهعليهوآله عند وفاته ، فقد أخرج البخاري ومسلم أن رسول الله أوصى عند موته بثلاث :
ـ أخرجوا المشركين من جزيرة العرب.
ـ أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم .. ثم يقول الراوي :
ونسيت الثالثة (١).
فهل يعقل أن الصحابة الحاضرين الذين سمعوا وصايا الرسول الثلاث عند موته ينسون الوصية الثالثة وهم الذين كانوا يحفظون القصائد الشعرية الطويلة بعد سماعها مرة واحدة؟ كلا ولكن السياسة هي التي أجبرتهم على نسيانها وعدم ذكرها ، إنها مهزلة أخرى
__________________
(١) صحيح البخاري ج ١ ص ١٢١ باب جوائز الوفد من كتاب الجهاد والسير ، صحيح مسلم ج ٥ ص ٧٥ كتاب الوصية.