الحجة البالغة فموقفنا ضعيف لانهم لا يعترفون به ، وتكون الحجة أقوى وأبلغ عندما نبين خطأهم من خلال كتبهم التي يعتقدونها ، وذلك من باب « وشهد شاهد من أهلها ».
نزل كلامه هذا على قلبي نزول الماء الزلال على قلب العطشان ورأيتني أتحول من ناقد حاقد إلى باحث فاقد ، لانني أحسست بمنطق سليم وحجة قوية ، وما علي لو تواضعت قليلا وأصغيت إليه! قلت له :
أنت إذا ممن يعتقدون برسالة نبينا محمد؟ إجاب : (ص) وكل الشيعة مثلي يعتقدون ذلك وما عليك يا أخي إلا أن تتحقق من ذلك بنفسك حتى تكون على بينة من الامر ، ولا تظن بإخوانك الشيعة الظنونا « لان بعض الظن إثم » وأضاف قائلا : وإذا كنت فعلا تريد معرفة الحقيقة وتطلع عليها بعينيك ويستيقن بها قلبك ، فأنا أدعوك لزيارة العراق والاتصال بعلماء الشيعة وعوامهم وستعرف عند ذلك أكاذيب المغرضين والحاقدين.
قلت : إنها أمنيتي أن أزور العراق في يوم من الايام وأتعرف على آثارها الاسلامية المشهورة التي خلفها العباسيون وعلى رأسهم هارون الرشيد ، ولكن ، أولا : إمكانياتي المادية محدودة وقد رتبتها لاداء العمرة ، ثانيا : إن جواز السفر الذي أحمله لا يسمح لي بالدخول إلى العراق ، قال : أولا عندما قلت لك أدعوك لزيارة العراق فذلك يعني أني أتكفل بتغطية نفقات سفرك من بيروت إلى بغداد ذهابا وإيابا وإقامتك بالعراق ستكون معي في بيتي فأنت ضيفي ، وثانيا بشأن الجواز الذي لا يسمح لك بالدخول إلى العراق فلنترك ذلك إلى الله سبحانه وتعالى فإذا قدر لك أن تزور فسوف يكون ذلك حتى بدون جواز سفر ، وسوف نحاول الحصول على تأشيرة للدخول فور وصولنا إلى بيروت. فرحت كثيرا بهذا العرض ووعدت صاحبي بأن أرد عليه الجواب غدا إن شاء الله تعالى.
خرجت من غرقة النوم وصعدت إلى سطح الباخرة أتنفس الهواء الجديد ، وأنا أفكر تفكيرا جديدا وعقلي شارد في البحر الذي ملأ الآفاق ، وأسبح بحمد ربي الذي خلق الاكوان وأحمده ، وأشكره على أن أوصلني إلى هذا المكان وأسأله سبحانه وتعالى أن يحميني من الشر وأهله ويحفظني من الزلل والخطأ ، وسرح تفكيري وأنا أستعرض شريطا أمام عيني للاحداث التي عشتها والسعادة التي تذوقتها من طفولتي إلى ذلك اليوم وأحلم بمستقبل أفضل ، وأشعر كأن الله ورسوله يحيطانني بعناية خاصة ، فالتفت صوب مصر التي