أم كان على الاستاذ التونسي الذي بين يديه! بعد مناقشة قصيرة حول الاولياء والصالحين قال أنه بحث طوال سبع سنوات سافر خلالها إلى لاهور في الباكستان وإلى تركيا وإلى مصر وبريطانيا وكل الاماكن التي بها مخطوطات تنسب إلى عبد القادر الجيلاني واطلع عليها وصورها ، وليس فيها اي إثبات بأن عبد القادر الجيلاني هو من سلالة الرسول ، وغاية ما هنالك بيت من الشعر ينسب إلى أحد أحفاده يقول فيه : « وجدي رسول الله » وقد يحمل ذلك كما قال بعض العلماء ، على تأويل حديث النبي صلىاللهعليهوآله : « أنا جدّ كل تقي » وزادني بأن التاريخ الصحيح يثبت أن عبد القادر أصله فارسي وليس عربيا أصلا وقد ولد في بلدة بإيران تسمى جيلان وإليها ينسب عبد القادر ، وقد نزح إلى بغداد حيث تعلم هناك وجلس يدرس في وقت كان فيه انحلال خلقي.
وكان الرجل زاهدا فأحبه الناس وبعد وفاته أسسوا الطريقة القادرية نسبة إليه ، كما يفعل دائما أتباع كل متصوف وأضاف قائلا : حقا أن حالة العرب مؤسفة من هذه الناحية.
وثارت في رأسي حمية الوهابية فقلت للدكتور : إذاً أنت وهابي الفكر يا حضرة الدكتور فهم يقولون كما تقول ليس هناك أولياء. فقال : لا أنا لست على رأي الوهابية. والمؤسف عند المسلمين هو إما الافراط وأما التفريط ، فأما أن يؤمنوا ويصدقوا بكل الخرافات التي لا تستند إلى دليل ولا عقل ولا شرع ، وأما أن يكذبوا بكل شيء حتى بمعجزات نبينا محمد وأحاديثه لانها لا تتماشى وأهواءهم وعقائدهم التي يعتقدونها وقد شرقت طائفة وغربت أخرى فالصوفية يقولون بإمكانية حضور الشيخ عبد القادر الجيلاني مثلا في بغداد وفي نفس الوقت في تونس ، وقد يشفي مريضا في تونس وينقذ غريقا في نهر دجلة في نفس اللحظة فهذا إفراط ، والوهابية ـ كرد فعل على الصوفية ـ كذبوا بكل شيء حتى قالوا بشرك من توسل بالنبي ، وهذا تفريط لا يا أخي نحن كما قال الله تعالى في كتابه العزيز :
( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ) (١).
أعجبني كلامه كثيرا وشكرته مبدئيا ، وأبديت قناعتي بما قال. فتح محفظته وأخرج
__________________
(١) سورة البقرة : آية ١٤٣.