لصديقي وللحاضرين بأن طريقي طويل يمر بدمشق والاردن إلى السعودية وفي العودة سيكون أطول فسأمر بمصر وليبيا حتى الوصول إلى تونس ، وزيادة على ثقل الحمل فإن أغلب الدول تمنع دخول الكتب ، فقال « السيد » أترك لنا عنوانك ونحن نتكفل بإرسالها إليك ، واستحسنت هذا الرأي وأعطيته بطاقة شخصية بها عنواني في تونس ، وشكرت فضله ، ولما ودعته ونهضت للخروج ، نهض معي قائلا : أسأل الله لك السلامة وإذا وقفت على قبر جدي رسول الله فبلغه مني السلام وتأثر الحاضرون وتأثرت كثيرا وأنا أنظر إلى عينيه تدمعان ، وقلت في نفسي حاشى لله أن يكون هذا من المخطئين حاشى لله أن يكون هذا من الكاذبين ، إن هيبته وعظمته وتواضعه تنبيء حقا أنه من سلالة الشرف ، فما كان مني إلا أن أخذت يده وقبلتها رغم ممانعته.
وقام الجميع لقيامي وسلموا علي ، وتبعني بعض الصبية من الذين كانوا يجادلونني وطلبوا مني عنواني للمراسلة فأعطيتهم إياه.
اتجهنا من جديد إلى الكوفة بدعوة أحد الذين كانوا في مجلس السيد الخوئي وهو صديق منعم إسمه أبوشبر ، نزلنا في بيته وسهرنا ليلة كاملة مع مجموعة من الشبان المثقفين وكان من بينهم بعض طلبة السيد محمد باقر الصدر فأشاروا علي بمقابلته وتعهدوا بأنهم سيرتبون لقائي مع حضرته في اليوم التالي ، واستحسن صديقي منعم هذا الاقتراح ولكنه تأسف لعدم إمكانية حضوره لان له شغلا في بغداد يستلزم حضوره ، واتّفقنا على أن أبقى في بيت السيد أبوشبر ثلاثة أيام أو اربعة ريثما يعود منعم ، الذي غادرنا بعد صلاة الفجر وقمنا نحن للنوم وقد استفدت كثيرا من طلبة العلوم الذين سهرت معهم وتعجبت من تنوع العلوم التي يتلقونها في الحوزة فهم زيادة على العلوم الاسلامية من فقه وشريعة وتوحيد يدرسون العلوم الاقتصادية والعلوم الاجتماعية والسياسية ، والتاريخ واللغات وعلوم الفلك وغير ذلك ...