أشبعها من طعام ، أوطئها من منام حتى تلحق بالذي خلقها ، ولقد أدركت أقواما من سلف هذه الأمة ، فذكر ما :
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب ، نا محمّد بن إسحاق الصغاني ، نا معاوية بن عمرو ، عن أبي إسحاق الفزاري ، عن صفوان بن عمرو ، عن أبي اليمان.
عن يزيد بن الأسود ، قال : لقد أدركت أقواما من سلف هذه الأمة ، قد كان الرجل إذا وقع في هويّة (١) أو وحلة نادى : يا آل عباد الله ، فيأتون (٢) إليه ، فيستخرجونه ودابته مما هو فيه ، ولقد وقع رجل ذات يوم في وحلة ، فنادى : يا آل عباد الله ، [فتواثب الناس إليه](٣) فما أدركت منه إلّا مفاضه في الطين ، فلأن أكون أدركت من متاعه شيئا ، فأخرجه من تلك الوحلة أحبّ إليّ من دنياكم التي ترغبون فيها.
قرأت على أبي الحسين بن كامل ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا ابن أبي الدنيا ، حدّثني محمّد بن الحسين ، حدّثني عمر بن حفص الحبطي ، نا ثور بن يزيد الرحبي ، عن أبي مسعدة الجرشي قال : كان يزيد بن الأسود قد حلف ، وكانوا يرون أنه من الأبدال ، قال : حلف ـ والله فبرّ ـ أن لا يضحك أبدا ، ولا ينام مضطجعا ، ولا يأكل سمينا أبدا ، فما رئي ضاحكا ولا مضطجعا ، ولا أكل سمينا حتى مات ، رحمهالله.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو محمّد ، أنا أبو محمّد ، أنا أبو الميمون ، نا أبو زرعة قال (٤) : وذكر ـ يعني : دحيما ـ يزيد بن الأسود فقدّمه وفضّله ، وذكر استسقاء الضحّاك به بدمشق ، قلت له : فقد حدّثنا الحكم بن نافع عن صفوان بن عمرو ، عن سليم بن عامر أن الناس قحطوا بدمشق ، فخرج معاوية يستسقي بيزيد بن الأسود ، فعرفه ، وقبله ، وقال : وجه ذلك أنه فعل ذلك في إمرة معاوية ، وفعل ذلك في إمرة الضحّاك.
__________________
(١) هوية تصغير هوّة ، بمعنى البئر البعيدة المهواة والهوّة : البئر المغطاة ، عن ابن دريد. (تاج العروس هوو) (طبعة دار الفكر).
(٢) كذا بالأصل ، وفي «ز» : «فيتواثبون إليه» وفي م : «فسواسوا».
(٣) الزيادة للإيضاح عن م ، و «ز».
(٤) تاريخ أبي زرعة الدمشقي ١ / ٦٠٢.