أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن علي ، أنا أبو بكر محمّد بن علي بن محمّد ، أنبأ أحمد بن عبد الله بن الخضر ، أنا أحمد بن أبي طالب ، حدّثني أبي علي بن محمّد ، حدّثني أبو عمرو محمّد بن مروان بن عمر السعيدي قال : قال أبو الحسن المدائني :
وكان يزيد بن مفرّغ الحميريّ مع عباد بن زياد ، فاستخفاه ، وهجاه ، وفارقه مقبلا إلى البصرة ، وعبيد الله يومئذ وافد (١) على معاوية ، فكتب عباد إلى عبيد الله ببعض ما هجاه به ، ووجّه [به يزيدا](٢) فكان فيما كتب به قصيدته التي يقول فيها (٣) :
إذا أودى معاوية بن حرب |
|
فبشر شعب قعبك بانصداع |
شهدت (٤) بأن أمك لم تباشر |
|
أبا سفيان واضعة القناع |
ولكن كان أمرا (٥) فيه لبس |
|
على وجل شديد وارتياع |
فلما قرأ عبيد الله الشعر دخل على معاوية ، فأنشده إياها ، واستأذنه في قتل ابن مفرّغ ، فأبى عليه أن يقتله ، وقال : أدّبه ، ولا تبلغ به القتل ، وقدم ابن مفرّغ البصرة ، فاستجار بالأحنف بن قيس فقال : إني لا أجير على ابن سميّة ، فإن شئت كفيتك شعر بني تميم ، فقال ذلك ما لا أبالي إلّا أكفاه ، فأتى خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد يودّعه ، ثم أتى عمر بن عبيد الله بن معمر ، ثم أتى المنذر بن الجارود ، فأجاره ، وأدخله داره ، وكانت بحرية ابنة المنذر عند عبيد الله بن زياد ، فلمّا قدم عبيد الله البصرة أخبر بمكان ابن مفرّ ، وأتى المنذر بن الجارود عبيد الله مسلما ، فأرسل عبيد الله الشرط إلى دار المنذر ، وأخذوا ابن مفرّغ ، فلم يشعر المنذر وهو عند عبيد الله إلّا وابن مفرّغ قد أقيم على رأسه ، فقام إلى عبيد الله فقال : أيها الأمير ، إنّي قد أجرته ، فقال : الله يا منذر؟! ليمدحنّك وأباك ويهجوني وأبي؟! ، ثم تجيره عليّ ، وأمر به فسقي دواء ، ثم حمل على حمار على إكاف ، فجعل يطاف به وهو يسلح في ثيابه ، فيمرّ به في الأسواق ، فقال للمنذر (٦) بن الجارود (٧) :
تركت قريشا أن أجاور فيهم |
|
وجاورت عبد القيس أهل المشقّر (٨) |
__________________
(١) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : وافدا.
(٢) الزيادة عن «ز» ، وم.
(٣) الأبيات في الأغاني ١٨ / ٢٦٥ ووفيات الأعيان ٦ / ٣٥٠.
(٤) الأغاني والوفيات : فأشهد.
(٥) الأغاني : أمر.
(٦) في «ز» : المنذر ، تصحيف.
(٧) الأبيات في الأغاني ١٨ / ٢٦٥ ـ ٢٦٦ ومعجم البلدان (المشقر) ٥ / ١٣٤.
(٨) المشقر : بضم أوله ، وفتح ثانيه ، وتشديد القاف ، حصن بين نجران والبحرين.