عمر بن عبد العزيز كتب إلى يزيد بن عبد الملك حين حضره الموت :
سلام عليك ، أما بعد ، فإنّي لا أراني إلّا لما (١) بي ، ولا أرى الأمر إلّا سيفضي إليك ، فالله الله في أمّة محمّد ، فتدع الدنيا لمن لا يحمدك وتفضي إلى من لا يعذرك ، والسّلام.
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل ، أنا أبو الفرج سهل بن بشر ، أنبأ أبو القاسم علي بن محمّد بن علي الفارسي ، أنا أبو أحمد عبد الله بن محمّد بن عبد الله بن الناصح بن شجاع المفسّر ، أنا أبو عبد الله الحسين بن سليمان البغدادي النحوي ، نا الزبير بن بكّار ، حدّثني عثمان بن عبد الرّحمن ، عن إبراهيم بن يعقوب بن أبي عبد الله قال : كتب يزيد بن عبد الملك إلى هشام أخيه :
أمّا بعد ، فإنه بلغ أمير المؤمنين أنك استبطأت حياته ، وتمنّيت وفاته ، ونحلت قولا للخلافة ، وذلك فيك ، فاعلمن أنه وليس ذلك الذي عهد إلينا عبد الملك ، وأمرنا به ووصّانا ، أمرنا بالتواصل والتزاور (٢) ، والاجتماع ، إنّ الفرقة شين.
قال : فكتب إليه جوابا لكتابه :
أمّا بعد ، فإنّ هذا الزمان القذر (٣) والعيش الكدر ، نشأت فيه ناشئة ، ابتغوا الرزق من كل ناحية ، ووضعوا له الأبواب ، وارتقوا إليه بالأسباب ، والله ما حدثت نفسي بهذا في سرّ ولا علانية ، بل جعل الله يومي قبل يومك ، وولدي قبل ولدك ، فلا خير في العيش بعدك.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، نا أبو الحسن رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا أحمد بن محمّد البغدادي ، نا محمّد بن سلام قال (٤) :
اشتكى يزيد بن عبد الملك شكاة شديدة ، وبلغه أن هشاما سرّ بذلك ، فكتب إلى هشام يعاتبه : وكتب في آخره :
تمنى رجال أن أموت وإن أمت |
|
فتلك سبيل لست (٥) فيها بأوحد |
__________________
(١) في تاريخ الإسلام : ملمّا.
(٢) بدون إعجام بالأصل وغير واضحة القراءة ، وفي م : التوازر. وفي «ز» : والتآزر ، والمثبت عن المختصر.
(٣) في المختصر : الغدر.
(٤) الخبر والأبيات في البداية والنهاية ٩ / ٢٣٢ وانظر كتاب يزيد إلى هشام ورد هشام عليه في مروج الذهب ٣ / ٢٤٦ والعقد الفريد ٢ / ٢٨٢.
(٥) في الأصل : ليست.