قال : فما زالت تبكي ويبكون حتى رحلت ثم أرسلت إليهم بثلاثة (١) آلاف درهم [ثلاثة آلاف درهم](٢).
قال : ونا الزبير (٣) ، نا هارون بن موسى ، حدّثني موسى بن جعفر بن أبي كثير ، وعبد الملك بن الماجشون قال :
لما مات عمر بن عبد العزيز قال يزيد : والله ما عمر بأجوج إلى الله مني ، قال : فأقام أربعين ليلة يسير بسيرة عمر ، فقالت حبابة (٤) لخصيّ له كان صاحب أمره : ويحك! قرّبني منه حيث يسمع كلامي ، ولك عليّ عشرة آلاف درهم ، فلمّا مر يزيد بها قالت :
بكيت الصبا جهدا فمن شاء لامني |
|
ومن شاء آسى (٥) في البكاء وأسعدا |
ألا لا تلمه اليوم أن يتبلدا |
|
فقد منع المحزون أن يتجلدا (٦) |
وذكر الأبيات.
قال أبو موسى : وهذا الشعر للأحوص ، فلمّا سمعها قال : ويحك ، قل لصاحب الشّرط يصلي بالناس ، وقال يوما : والله إنّي لأشتهي أن أخلو بها ولا أرى أحدا غيرها ، فأمر ببستان له وأمر حاجبه أن لا يعلمه بأحد ، قال : فبينما هو معها أسرّ الناس بها ، إذ حذفها بحبة رمّان أو بعنبة وهي تضحك ، فوقعت في فيها ، فشرقت فماتت ، فأقامت عنده في البيت حتى جيفت أو كادت أن تجيف ، ثم خرج بها فدفنها ، فأقام أياما ، ثم خرج عليه الغم ثانيا حتى وقف على قبرها فقال (٧) :
فإن تسل عنك النفس أو تدع الصبى |
|
فباليأس أسلو عنك لا بالتجلد |
وكل خليل راءني (٨) فهو قائل : |
|
من أجلك هذا هامة اليوم أو غد |
__________________
(١) الأصل : ثلاثة ، والمثبت عن «ز» ، وم.
(٢) الزيادة سقطت من الأصل وم ، واستدركت عن «ز».
(٣) الخبر من طريق الزبير بن بكار رواه الذهبي في تاريخ الإسلام (١٠١ ـ ١٢٠) ص ٢٨٠ ـ ٢٨١.
(٤) حبابة مولدة من مولدات المدينة ، لرجل من أهلها يعرف بابن رمانة وقيل : ابن مينا ، وقيل : اسمها العالية. انظر أخبارها في الأغاني ١٥ / ١٢٢.
(٥) في «ز» : أشأم.
(٦) من أبيات في الأغاني ١٥ / ١٢٩ منسوبة للأحوص ، وتاريخ الإسلام (١٠١ : ١٢٠) ص ٢٨١.
(٧) البيتان في تاريخ الإسلام (١٠١ ـ ١٢٠) ص ٢٨١ وسير أعلام النبلاء ٥ / ١٥١ والأخبار الموفقيات ص ٤١٩ والأغاني ١٣ / ١٦٥ ونسبهما بهامش المختصر لكثير عزّة. والبداية والنهاية ٩ / ٢٦٠.
(٨) في سير الأعلام وتاريخ الإسلام : زارني.