ويستقبلها ، وعاد يتلطّف بأهل الحلّة ويتجاوز عن مسيئهم ويحسن إلى محسنهم ، ولم ينفعه ذلك ، بل لم يلبث في ذلك إلّا قليلا حتّى مات (١).
الحكاية الرابعة : وفيه عن شمس الدين محمد المذكور ، كان من أصحاب السلاطين المعمر بن شمس يسمّى مذور يضمن القرية المعروفة ببرس ووقف العلويين وكان له نائب يقال له ابن الخطيب وغلام يتولّى نفقاته يدعى عثمان ، وكان ابن الخطيب من أهل الصلاح والإيمان بالضدّ من عثمان وكانا دائما يتجادلان ، فاتّفق أنهما حضرا في مقام إبراهيم الخليل بمحضر جماعة من الرعية والعوام فقال ابن الخطيب لعثمان : يا عثمان الآن اتّضح الحقّ واستبان ، أنا أكتب على يدي من أتولّاه وهم عليّ والحسن والحسين عليهمالسلام واكتب أنت من تتولّاه [وهم] أبو بكر وعمر وعثمان ثمّ تشدّ يدي ويدك فأيّنا احترقت يده بالنار كان على الباطل ومن سلمت يده كان على الحقّ ، فنكل عثمان وأبى أن يفعل فأخذ الحاضرون من الرعية والعوام بالعياط عليه. هذا وكانت أمّ عثمان مشرفة عليهم تسمع كلامهم فلمّا رأت ذلك لعنت الحضور الذين يعيطون على ولدها عثمان وشتمتهم وتهدّدت وبالغت في ذلك فعميت في الحال ، فلمّا أحسّت بذلك نادت إلى رفيقاتها فصعدن إليها فإذا هي صحيحة العينين لكن لا ترى شيئا ، فقادوها فأنزلوها ومضوا بها إلى الحلّة ، وشاع خبرها بين أصحابها وقرائبها وترائبها ، فاحضروا لها الأطباء من بغداد والحلّة فلم يقدروا لها على شيء ، فقال لها نسوة مؤمنات كنّ أخدانها : إنّ الذي أعماك هو القائم فإن تشيّعت وتولّيت وتبرّأت ضمنّا لك العافية على الله تعالى وبدون هذا لا يمكنك الخلاص ، فأذعنت بذلك ورضيت به فلمّا كانت ليلة الجمعة حملنها حتى أدخلنها القبّة الشريفة في مقام صاحب الزمان عليهالسلام وبتن بأجمعهنّ في باب القبّة ، فلمّا كان ربع الليل فإذا هي قد خرجت عليهن وقد ذهب العمى عنها وهي تعدهنّ واحدة بعد واحدة وتصف ثيابهنّ وحليهنّ ، فسررن بذلك وحمدن الله تعالى على حسن العاقبة وقلن لها : كيف كان ذلك؟ فقالت : لمّا جعلتني في القبّة وخرجتنّ عنّي أحسست بيد قد وضعت على يدي وقائل يقول : اخرجي قد عافاك الله تعالى ، فانكشف العمى عنّي ورأيت القبّة قد امتلأت نورا ورأيت الرجل فقلت له : من أنت يا سيّدي؟ فقال عليهالسلام : محمد بن الحسن ، ثمّ غاب عنّي فقمن وخرجن إلى بيوتهنّ ، وتشيّع
__________________
(١) بحار الأنوار : ٥٢ / ٧١ ـ ٧٢ ح ٥٥ باب ١٨.