فقالوا : إنّك لم تأت إلينا بعد ، فبينا أنا كذلك وإذا بفوج عظيم فقلت : ما الخبر؟ فقالوا : سيّدتنا فاطمة الزهراء عليهاالسلام قد أقبلت ، فنظرت فإذا بأفواج من الملائكة على أحسن هيئة ينزلون من الهواء إلى الأرض وهم حافّون بها ، فلمّا دنت فإذا بالفارس الذي خلّصنا من العطش بإطعامه لنا الحنظل قائم بين يدي فاطمة ، فلمّا رأيته عرفته وذكرت تلك الحكاية وسمعت القوم يقولون : هذا م ح م د بن الحسن القائم عليهالسلام المنتظر ، فقام الناس وسلّموا على فاطمة عليهاالسلام فقمت أنا وقلت : السلام عليك يا بنت رسول الله. فقالت : وعليك السلام يا محمود ، أنت الذي خلّصك ولدي هذا من العطش؟ فقلت : نعم يا سيدتي. فقالت : إن دخلت مع شيعتنا أفلحت. فقلت : أنا داخل في دينك ودين شيعتك مقرّ بإمامة من مضى من بنيك ومن بقي منهم. فقالت : أبشر فقد فزت. قال محمود : فانتبهت وأنا أبكي وقد ذهل عقلي ممّا رأيت فانزعج أصحابي لبكائي وظنّوا أنّه ممّا حكيت لهم. فقالوا : طب نفسا فو الله لننتقمن من الرفضة فسكتّ عنهم حتّى سكتوا وسمعت المؤذّن يعلن بالأذان فقمت إلى الجانب الغربي ودخلت منزل أولئك الزوّار فسلّمت عليهم ، فقالوا : لا أهلا ولا سهلا ، اخرج عنّا لا بارك الله فيك.
فقلت : إنّي قد عدت معكم ودخلت عليكم لتعلّموني معالم الدين فبهتوا من كلامي وقال بعضهم : كذب وقال آخرون : جاز أن يصدق ، فسألوني عن سبب ذلك فحكيت لهم ما رأيت فقالوا : إن صدقت فإنّا ذاهبون إلى مشهد الإمام موسى بن جعفر عليهماالسلام فامض معنا حتّى نشيّعك هناك ، فقلت : سمعا وطاعة وجعلت أقبّل أيديهم وأقدامهم وحملت إخراجهم وأنا أدعو لهم حتّى وصلنا إلى الحضرة الشريفة فاستقبلنا الخدّام ومعهم رجل علوي كان أكبرهم فسلّموا على الزوّار فقالوا له : افتح لنا الباب حتّى نزور سيّدنا ومولانا فقال : حبّا وكرامة ولكن معكم شخص يريد أن يتشيّع ورأيته في منامي واقفا بين يدي سيّدتي فاطمة الزهراء صلوات الله عليها ، فقالت لي : يأتيك غدا رجل يريد أن يتشيّع فافتح له الباب قبل كلّ أحد ، ولو رأيته الآن لعرفته فنظر القوم بعضهم إلى بعض متعجّبين.
قالوا : فشرع ينظر إلى واحد واحد فقال : الله أكبر هذا والله هو الرجل الذي رأيته ، ثمّ أخذ بيدي فقال القوم : صدقت يا سيّد وبررت ، وصدق هذا الرجل بما حكاه واستبشروا بأجمعهم وحمدوا الله تعالى ، ثمّ إنّه أدخلني الحضرة الشريفة وشيّعني وتولّيت وتبرّيت