فلمّا تمّ أمري قال العلوي : وسيّدتك فاطمة عليهاالسلام تقول لك سيلحقك بعض حطام الدنيا فلا تحفل به وسيخلفه الله عليك وستحصل في مضائق فاستغث بنا تنج ، فقلت : السمع والطاعة وكان لي فرس قيمتها مائتا دينار فماتت وخلف الله عليّ مثلها وأضعافها وأصابني مضائق فندبتهم ونجوت ، وفرّج الله عنّي بهم وأنا اليوم أوالي من والاهم وأعادي من عاداهم وأرجو بهم حسن العاقبة ، ثمّ إنّي سعيت إلى رجل من الشيعة فزوّجني هذه المرأة وتركت أهلي فما قبلت التزويج منهم. وهذا ما حكى لي في تاريخ شهر رجب سنة ثمان وثمانين وسبعمائة من الهجرة والحمد لله ربّ العالمين والصلاة على محمّد وآله (١).
الحكاية الحادية عشرة : فيه بحذف الأسانيد عن كمال الدين أحمد بن محمد بن يحيى الأنباري بمدينة السلام ليلة عاشر شهر رمضان سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة قال : كنّا عند الوزير عون الدين يحيى بن هبيرة في رمضان بالسنة المقدم ذكرها ونحن على طبقة وعنده جماعة فلمّا أفطر من كان حاضرا ـ ويعوض أكثر من حضر حاضرا ـ أردنا الانصراف فأمرنا بالتمسّي عنده فكان في مجلسه في تلك الليلة شخص لا أعرفه ولم أكن رأيته من قبل ، ورأيت الوزير يكثر إكرامه ويقرّب مجلسه ويصغي إليه ويسمع قوله دون الحاضرين ، فتجارينا الحديث والمذاكرة حتّى أمسينا وأردنا الانصراف فعرّفنا بعض أصحاب الوزير أن الغيث ينزل وأنه يمنع من يريد الخروج ، فأشار الوزير أن نمسي عنده فأخذنا نتحادث فأفضى الحديث حتّى تحادثنا في الأديان والمذاهب ورجعنا إلى دين الإسلام وتفرّق المذاهب فيه ، فقال الوزير : أقل طائفة مذهب الشيعة وما يمكن أكثر منهم في خطتنا هذه وهم الأقلّ من أهلها وأخذ يذمّ أحوالهم ويحمد الله على قتلهم في أقاصي الأرض ، فالتفت الشخص الذي كان الوزير مقبلا عليه مصغيا إليه فقال له : أدام الله أيّامك أحدّث بما عندي فيما قد تفاوضتم فيه أو أعزب عنه فصمت الوزير ثمّ قال : قل ما عندك ، فقال : خرجت مع والدي سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة من مدينتنا وهي المعروفة بالباهية ولها الرستاق (٢) التي يعرفها التجّار وعدّة ضياعها ألف ومائتا ضيعة في كلّ ضيعة من الخلق ما لا يحصي
__________________
(١) جنّة المأوى : ٢٠٢ ـ ٢٠٨ المطبوع بذيل بحار الأنوار ج ٥٣.
(٢) الرستاق فارسي معرّب وهي السواد (الصحاح : ٤ / ١٤٨١) وفي مجمع البحرين : (٢ / ١٧٤) يستعمل في الناحية : طرف الاقليم.