قلت : أقول السلام عليك يا صاحب الزمان السلام عليك يا حجّة الله قال :وعليك السلام ورحمة الله وبركاته فدخل ودخلت وقبّل الضريح وقبّلت ثمّ قال لي : زر ، قلت له : سيدنا قلت لك انّي لم أقرأ قال عليهالسلام : أزوّرك؟ قلت له : نعم ، قال : بأيّ زيارة؟ قلت له: سيّدنا إنّي أراك فرد رؤية بأيّها أفضل؟ قال : أمين الله ، ثمّ قال عليهالسلام : السلام عليكما يا أميني الله في أرضه السلام عليكما يا حجّتي الله على عباده وانتهى إلى آخرها وشموع الحرم مشعلة غير أنّي أرى جوّ الحرم مضيئا بضوء غير ضوء السراج بل كضوء الشمس عند ارتفاعها وأرى ضوء تلك الشموع بجنبه كضوئها إذا اشتعلت بالنهار وقت الضحى قبالة الشمس ثمّ تحوّل من طرف الرجلين إلى خلف الضريح ووقف بالجانب الشرقي منه مستقبلا وقال : نزور الحسين عليهالسلام من هنا فزاره بزيارة الوارث وزرت ، ولمّا فرغنا فإذا بالمؤذنين لفريضة المغرب قد فرغوا فقال لي : الحق الجماعة وصلّ وأشار إلى المسجد الذي خلف الحرم ومنه إليه باب مشروع والشيخ المذكور يصلّي بالناس هناك فدخل المسجد ووقف عن يمينه محاذيا له وصلّى بنفسه وأنا وقفت في الصف وفرج لي مكاني وصلّيت جماعة ولمّا انفلت نظرت إليه فلم أره فقمت أطلبه بالحرم لأعطيه شيئا لأنّه زوّرني وأضيفه بالليل فدرت الحرم والرواق والإيوان ولم أره وأنا أتفكّر في نفسي : من هذا؟ وما هذه الامور التي شاهدتها منه والكلمات التي سمعتها ، فعلمت أنّه الإمام عليهالسلام فأتيت إلى الكفشوان وسألته عنه قال : خرج ومضى ، ثمّ قال : هو رفيقك؟ قلت : نعم فتبسّم فأتيت إلى منزلي ونمت ، فلمّا قمت أتيت الشيخ بكرة وحكيت له ذلك فقال : الله موفّقك لا تحكه ببغداد ، ثمّ إنّي بعد ذلك بشهر كنت بالحرم الشريف يوما بالمحل الذي يوضع المصاحف أتلو القرآن إذا به عليهالسلام عنّ لي وقال لي : ما ذا رأيت أنت؟ قلت : لم أر شيئا ، ثمّ قال لي ثانيا : ما ذا رأيت؟ قلت له : لم أر شيئا فغاب عنّي قال أقول : وهذا الرجل كان يبدو منه عند حكايته لي الأسف والتحسّر كمن فات عنه شيء لا مندوحة عنه ، ثم قبّلت فاه فقام وفارقنا ولعمرك لو طلب حريص وضرب آباط الابل فيه حولا لكان قليلا. هذا ما رويته وبحق روايتي عنه بيد أنّ ما رقمته معنى ما سمعته منه بلفظه ولغته المتداولة اليوم (١).
الحكاية الحادية والأربعون : في جنّة المأوى عن المولى أبي الحسن الشريف العاملي
__________________
(١) لم أجده في جنّة المأوى.