قال الحافظ ابن حجر : وقيل : انعقد الإجماع على أفضلية فاطمة ، فأين ما عدا مريم؟ (١)
أمّا مريم أفضل منها إن قيل ـ بما عليه القرطبي في طائفة ـ من أنّها نبيّة (٢).
وبقصده (٣) استثناءها ـ أعني : مريم ـ في عدّة أحاديث مرّ بعضها.
بل روى ابن عبد البرّ ، عن ابن عباس مرفوعا : «سيدة نساء العالمين مريم ، ثم فاطمة ، ثمّ خديجة ، ثمّ آسية» (٤).
قال القرطبي : وهذا حديث حسن ، يرفع الإشكال من أصله ، انتهى (٥).
وقول الحافظ ابن حجر : «إنّه غير ثابت» (٦). إن أراد به نفي الصحة
__________________
اختصّت به : سبقها نساء هذه الأمة إلى الإيمان ، فسنّت ذلك لكلّ من آمنت بعدها ، فيكون لها مثل أجرهنّ ، لما ثبت أنّ من سنّ سنّة حسنة ...».
(١) حكاه المباركفوري في تحفة الأحوذي ١٠ : ٣٤٩.
(٢) تفسير القرطبي ٤ : ٨٣ في تفسير قوله : (وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ).
وحكاه عنه ابن حجر في فتح الباري ٧ : ١٤٠ رقم ٣٤٣٢ قال : «قال القرطبي : الصحيح أنّ مريم نبيّة» ، وقال عياض : «الجمهور على خلافه ، ونقل النووي في الأذكار أنّ إمام الحرمين نقل الإجماع على أنّ مريم ليست بنبيّة ، وعن الحسن : ليس في النساء نبيّة ولا في الجنّ». «فتح الباري ٧ : ١٤٠ رقم ٣٤٣٢).
هذا ونقل ابن حجر الإجماع على عدم نبوّة النساء في موضع آخر في فتح الباري ٦ : ١١١ كتاب أحاديث الأنبياء عند قوله : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ).
وفي شرح المواهب اللدنية للزرقاني ٢ : ٣٥٧ : «والصحيح أنّ مريم ليست نبيّة ، بل حكي الإجماع على أنّه لم تنبأ امرأة» ولهذا قال ابن حجر : «أمّا من قال : ليست نبيّة ، فيحمله على عالمي زمانها ، ويحتمل أن يراد نساء بني إسرائيل ، أو نساء تلك الأمة» (فتح الباري ٧ : ١٤١ شرح حديث رقم ٣٤٣٢).
(٣) في نسخة (ز) : ويعضده. أي : ويعضد كلام القرطبي أنّها نبيّة استثناء مريم من بعض أحاديث التفضيل ؛ لأنّ الكلام في التفضيل هو في ما دون الأنبياء عندهم.
(٤) الاستيعاب ٤ : ٤٤٩.
(٥) تفسير القرطبي ٤ : ٨٣ عند تفسير قوله : (وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ) ، ونقله عنه في فتح الباري ٧ : ٥١٤ باب : تزويج النبيّ صلىاللهعليهوآله خديجة ، حديث رقم ٣٨٢١.
(٦) قال في فتح الباري ٧ : ٥١٤ : «الحديث الثاني الدالّ على الترتيب ليس بثابت» ثمّ بيّن وجه ذلك ، وهو أنّ أصل الحديث عند أبي داود والحاكم بغير صيغة الترتيب ، أي بدون «ثم».
وكلام ابن حجر في محلّه تماما ، والحديث روي بصيغ كثيرة لا تدلّ على الترتيب ، بل في بعضها تقديم فاطمة