أمّا نساء هذه الأمة فلا ريب في تفضيلها عليهنّ مطلقا (١).
بل صرّح غير واحد : أنّها وأخاها إبراهيم أفضل من جميع الصحابة حتّى الخلفاء الأربعة (٢). وحكى العلم العراقي (٣) الاتّفاق عليه (٤).
وذهب الحافظ ابن حجر : أنّها أفضل من بقيّة أخواتها (٥) ، لأنّها ذرّية المصطفى صلىاللهعليهوآله دون غيرها من بناته (٦) ، فإنّهنّ متن في حياته فكنّ في صحيفته ، ومات
__________________
١١ : ١٦٢).
وأمّا من قال بتفضيل مريم عليها بناء على ما اختاره من أنّها نبيّة ؛ كالقرطبي ، فإنّه يرد عليه : أنّ الكثير قد نقلوا الإجماع على عدم النبوّة في النساء.
قال عياض : «الجمهور على خلافه ، وقال النووي : إنّ إمام الحرمين ـ الجويني ـ نقل الإجماع على أنّ مريم ليست نبيّة. وعن الحسن : ليس في النساء نبيّة ولا في الجنّ». (فتح الباري ٧ : ١٤٠ رقم ٣٤٣٢).
وقال ابن حجر : «ونقلوا الإجماع على عدم نبوّة النساء». (فتح الباري ٦ : ١١١ كتاب أحاديث الأنبياء).
وقال الزرقاني : «الصحيح أنّ مريم ليست نبيّة ، بل حكي الإجماع على أنّه لم تنبأ امرأة». (شرح المواهب اللدنية ٢ : ٣٥٧).
(١) تقدّم إثبات ذلك بما لا مزيد عليه ، فراجع.
(٢) كالعلم العراقي والسهيلي والشارح العلقمي في شرحه على الجامع الصغير للسيوطي ، وغيرهم. قال العلّامة المناوي : «قال الشارح العلقمي : هي وأخوها إبراهيم أفضل من جميع الصحب ؛ لما فيها من البضعة». (فيض القدير ٢ : ٥٣ شرح حديث رقم ١٣٠٧). وقال أيضا في موضع آخر : «قال العراقي : إنّ فاطمة وأخاها إبراهيم أفضل من الخلفاء الأربعة بالاتّفاق». (فيض القدير ٤ : ٤٤٢ شرح حديث رقم ٥٨٣٥). ومثله عن السهيلي على ما حكاه المناوي في فيض القدير ٤ : ٤٢١ شرح حديث رقم ٥٨٣٣.
(٣) عبد الكريم بن علي الأنصاري المصري الشافعي ، عالم مصر ، المعروف بعلم الدين العراقي ، واختصارا بالعلم العراقي ، ولد سنة ٦٢٣ ه بمصر ، وبرع في فنون العلم والتفسير ، كان من مشايخ ابن حجر العسقلاني والمقدسي ، قال عنه الأسنوي : كان عالما فاضلا في فنون كثيرة وخصوصا التفسير. كان يدرّس بالمشهد الحسيني ، وله مصنّفات في التفسير والأصول ، توفّي سنة ٧٠٤ ه ، ودفن بالقرافة الصغرى ، ترجم له ابن قاضي شهبة في طبقات الشافعية ٢ : ٢١٨ رقم ٥٠٧.
(٤) تقدّم آنفا عن العلّامة المناوي : قول العلم العراقي أنّ فاطمة وأخاها إبراهيم أفضل من الخلفاء الأربعة بالاتّفاق.
(٥) فتح الباري ٧ : ٤٧٧ شرح حديث رقم ٣٧٦٧ حيث قال : «إنّها أفضل بنات النبيّ صلىاللهعليهوآله».
(٦) هذا دليل آخر غير ما تقدّم ، وهو أنّها سلام الله عليها مضافا لكونها بضعة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وسيدة النساء دون أخواتها ، فهي ذرّيته دون بقيّة بناته ؛ لانحصار ذرّية النبيّ صلىاللهعليهوآله بفاطمة وولدها ، وأمّا بقية بناته فلم يعقبن ، أو أعقبن ومات