هو صلىاللهعليهوآله في حياتها فكان في صحيفتها (١).
قال : وكنت أقول ذلك استنباطا إلى أن وجدت الإمام ابن جرير الطبري نصّ عليه ، فأخرج عن طريق فاطمة بنت الحسين بن علي ، عن جدّتها فاطمة قالت :
دخل رسول الله صلىاللهعليهوآله يوما وأنا عند عائشة ، فناجاني فبكيت ، ثمّ ناجاني فضحكت ، فسألتني عائشة عن ذلك ، فقلت : لا أخبرك بسرّه ، فلمّا توفّي سألتني (٢) ، فذكرت الحديث في معارضة جبرئيل له بالقرآن مرّتين ، وأنّه قال : أحسب أنّي ميّت في عامي هذا ، وأنّه لم ترزأ امرأة من نساء العالمين مثلها رزيّة ، فلا تكوني دون امرأة منهنّ صبرا ، فبكيت ، فقال : أنت سيدة نساء أهل الجنّة إلّا مريم ، فضحكت (٣).
وأمّا ما أخرجه الطحاوي (٤) وغيره من حديث عائشة في قصة مجيء زيد بن حارثة بزينب بنت المصطفى صلىاللهعليهوآله من مكّة وفي آخره : قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : هي أفضل
__________________
العقب ، ولم يحصل لهنّ ذرّية بعد ذلك ، ولذا عبّر ابن حجر : أنّها ذرّية المصطفى دون غيرها من بناته. وسيأتي ذلك في آخر الباب الرابع.
(١) هذا دليل آخر من ابن حجر على أفضليتها على أخواتها ، وهو أنّها تجرّعت ألم فقد النبيّ صلىاللهعليهوآله وأصيبت به دونهنّ ، لأنّهنّ متن في حياته ، فكان ذلك في صحيفتها.
وقد تبعه عليه كثير من المحقّقين ؛ كالعلّامة المناوي في فيض القدير ٤ : ٤٢٢ شرح الحديث رقم ٥٨٣٥ ، الّذي ذكر دليلا آخر على تفضيلها على بقية أخواتها ، وهو أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله خصّ فاطمة بالبضعة دون بقية بناته ، فلم ينقل أحد أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : «بضعة منّي» لغير فاطمة ، وهذا أمتن الأدلّة لتفضيلها على أخواتها وغيرهنّ ، بل مطلقا.
(٢) في المصدر : «سألت».
(٣) فتح الباري ٧ : ٤٧٧ باب : مناقب فاطمة ، شرح الحديث رقم ٣٧٦٧ وقال : «وأصل الحديث في الصحيح من دون هذه الزيادة : «إلّا مريم». وقد تقدّمت مصادر الرواية ، وجميعها من دون عبارة «إلّا مريم» ، هذا ورواه المناوي في فيض القدير ٤ : ٤٢٢ في شرح الحديث رقم ٥٨٣٥ وقال في آخره : «قال الحاكم : صحيح ، وأقرّه الذهبي ، ورواه أحمد والطبراني ، وقال ابن حجر : وإسناده حسن ، وإذا ثبت ففيه حجّة».
(٤) هو الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمّد بن سلامة الأزدي المصري الشافعي ، ولد سنة ٢٢٩ ه ، وتوفّي سنة ٣٢١ ه ، عاصر كلّا من البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة ، وشاركهم في رواياتهم عن المشايخ ، انتهت إليه رئاسة الحنفية بمصر في زمانه ، له مصنّفات كثيرة ، منها : مشكل الآثار ، شرح معاني الأخبار ، أحكام القرآن. ترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٥ : ٢٧ رقم ١٥.