بناتي ، أصيبت فيّ (١).
فأجاب عنه بعض الائمة ـ بفرض ثبوته (٢) ـ بأنّ ذلك كان متقدّما ، ثمّ وهب الله لفاطمة من الأحوال السنية والكمالات العلية ما لم يطاولها فيه أحد من نساء هذه الأمة مطلقا.
على أنّ البزّار روى عن عائشة أنّها قالت :
__________________
(١) مشكل الآثار ١ : ٤٤ باب في فضل بناته صلىاللهعليهوآله.
(٢) قول ابن حجر : «بفرض ثبوته» مشعر بعدم ثبوت هذا الخبر ، وقد أشرنا سابقا : إنّ هذا الخبر من الأخبار الموضوعة الّتي كان عروة بن الزبير يحدّث به ، فبلغ ذلك الإمام علي بن الحسين زين العابدين فانطلق إليه ، وقال : ما حديث بلغني عنك تحدّث به تنتقص فيه حقّ فاطمة! فقال عروة : أمّا بعد فلا أحدّث به أبدا. راجع : كشف الأستار عن زوائد البزّار ٣ : ٢٤٢ رقم ٢٦٦٦ ، ومختصر زوائد البزّار للعسقلاني ٢ : ٣٥٨ رقم ٢٠٠٩ ، والمعتصر من المختصر ٢ : ٢٤٦.
ويدلّ على أنّه موضوع أمور :
(ألف) تصريح الإمام علي بن الحسين بأنّ فيه انتقاص لحقّ فاطمة.
(ب) لو كان الخبر صادرا من النبيّ صلىاللهعليهوآله لما تألّم الإمام واعترض على التحديث به.
(ج) لو كان الخبر ثابتا عند عروة لحاجج علي بن الحسين بذلك ، ولاحتجّ بأنّ الخبر مروي بطريق كذا ، فلما ذا يقسم أنّه لا يحدّث به بعد ذلك أبدا؟!
(د) أنّ هذا الخبر يكذّب نفسه ، فإنّ زينب ماتت في حياة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فلم تصب به ، فلا معنى لقول : «أصيبت فيّ» بل كان اللازم أن يقال : أصبت بها.
(ه) أنّ الخبر يقول : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله بعث زيد بن حارثة ليأتي بزينب وأعطاه خاتما علامة على أنّه من النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وأتى بها من دون علم زوجها ابن أبي العاص ، وهو معارض مع ما رواه في فتح الباري ٧ : ٤٥٢ باب : أصهار النبيّ ، وفي عون المعبود ٦ : ٥٥ ، وفيهما : أنّ زوجها ابن أبي العاص لمّا أسر في الحرب شرط عليه النبيّ صلىاللهعليهوآله أن يبعث بها ، ففعل ، فكان النبيّ صلىاللهعليهوآله يقول : «وعدني فوفى لي».
(و) أنّ المناوي روى الخبر هكذا : «فاطمة أفضل بناتي ، لأنّها أصيبت فيّ» ، فيض القدير ٤ : ٤٢٢ في شرح الحديث رقم ٥٨٣٥ ، ومثله سبل الهدى ١٠ : ٣٢٧ ، وسيذكره المصنّف أيضا عن البزّار من حديث عائشة.
ومن الطريف أنّ الحاكم روى الخبر في مستدركه ٤ : ٤٧ رقم ٦٨٣٦ لكنّه لمّا رآه لا ينسجم مع ما رواه من مناقب لفاطمة ، وأنّها بضعة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وأفضل بناته ، وسيدة نساء العالمين قال ص ٤٨ : «ويمكن أن يقال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أراد بقوله : أفضل ، أي أكبر وأقدم أولادي».