ويحادثها ، ويختصّها بمناقب عظيمة لم ولن تبلغه امرأة في الإسلام.
وليس عجيبا أن يتهافت المحدّثون والعلماء وأصحاب التراجم والسير إلى تصنيف الكتب الّتي تتحدّث عن فضائلها ، والمؤلّفات الّتي تروي شمائلها الرفيعة ، وتنقل أحاديث أبيها وهو يمجّدها ويطريها ويدعو لها.
وهذا الكتاب ـ الماثل بين يديك عزيزنا القارئ ـ يعدّ إحدى تلك المصنّفات الّتي يعود تاريخها إلى القرن العاشر أو الحادي عشر الهجري ، لمؤلّفه محمّد بن محمّد بن عبد الله الأكراوي القلقشندي الشافعي (ت ١٠٣٥ ه) الشهير بالحجازي وبالواعظ ، الّتي تحكي عمق العلاقة القائمة بين علماء الأمة وآل محمّد صلىاللهعليهوآله ، ممّا ساهمت ـ كغيرها ـ في إنشاء تيار من الوعي الثقافي والفكري والحضاري للأجيال المتعاقبة ، وتعزيز للروابط الصادقة والعواطف السامية بين أبناء الأمّة وأهل بيت النبيّ صلىاللهعليهوآله.
فمؤلّف الكتاب أضاف شاهدا آخر على مدى حبّ الأمّة على اختلاف مشاربها ومذاهبها لأهل بيت محمّد صلىاللهعليهوآله من أبناء عليّ وفاطمة عليهماالسلام ، وتهافت الجميع : سنّة وشيعة على الالتفات حول بيت نبيّهم حبّا وتجليلا وتقديسا.
والكتاب وإن روى بعض مناقب وفضائل هذه السيّدة الطاهرة المطهّرة ، بضعة النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وبيّن مقامها ووجاهتها عند أبيها رسول الإسلام محمّد صلىاللهعليهوآله ، ومكانتها في الإسلام الحنيف ، إلّا أنّه يثير فينا الأفكار الّتي تدور حول ضرورة متابعة دراسة حياتها أكثر فأكثر ، واستخلاص الدروس والعبر من سلوكياتها الرزنة ، ومواقفها الشريفة الّتي سجّلتها إبّان العصر الإسلامي الأوّل ، والدرس «التقريبي» الّذي علّمت أجيال المسلمين وحتّى يومنا الحاضر.
فلا غرابة إذا أن يبدي المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية ، عبر مركزه العلمي ، اهتمامه تجاه هذا الأثر الكريم ، ويتعاطى معه بدرجة كبيرة