علوا كبيرا (١).
ومنها ما ذهب إليه العلّامة الطباطبائي ـ قدسسره ـ من أن الله سبحانه ملك ومالك للكل ، والكل مملوكون له محضا ، فله أن يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد ، وليس لغيره ذلك ، وله أن يسألهم عما يفعلون وليس لغيره أن يسألوه عما يفعل.
إلى أن قال : ومن ألطف الآيات دلالة على هذا الذي ذكرنا قوله حكاية عن عيسى بن مريم : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٢) حيث يوجه عذابهم بأنهم مملوكون له ويوجه مغفرتهم بكونه حكيما إلى أن قال : وأنت خبير أن توجيه الآية ، بالملك دون الحكمة ، كما قدمناه يكشف عن اتصال الآية بما قبلها ، من قوله : (فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) (٣).
فالعرش كناية عن الملك ، فتتصل الآيتان ، ويكون قوله : (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ) بالحقيقة برهانا على ملكه تعالى ، كما أن ملكه وعدم مسئوليته برهان على ربوبيته ، وبرهان على مملوكيتهم ، كما أن مملوكيتهم ومسئوليتهم ، برهان على عدم ربوبيتهم ، فإن الفاعل الذي ليس بمسئول عن فعله بوجه ، هو الذي يملك الفعل مطلقا (٤) لا محالة ، والفاعل الذي هو مسئول
__________________
(١) مفاتيح الجنان في اعمال ليلة الجمعة.
(٢) المائدة : ١١٨.
(٣) الأنبياء : ٢٢.
(٤) ولعل وجه ملكيته للفعل على وجه الاطلاق هو أن أفعاله تعالى ليس لها غاية دون ذاته ، هذا بخلاف غيره تعالى فإن غاية فعلهم هو المصالح وعليه فالباعث نحو الفعل في الله تعالى هو كمال ذاته لا الغير فالفعل الناشئ عن ذاته لا يكون إلّا صوابا فلا مورد للسؤال عنه بخلاف غيره تعالى ، فللسؤال عنهم مجال لتقيد فعلهم بالمصالح.