الاستعمالات القرآنية ، وعلى كل تقدير فهذه المعارف الحقة الأصيلة الإلهية مما لا يمكن النيل إليها بدون إرسال الرسل وبعث الأنبياء ، كما هو واضح لمن عرفها وقاسها مع المعارف البشرية.
ومنها : أداء الرسالة الاصلاحية ، وأنت خبير بأن المفاسد الاجتماعية من الظلم والفحشاء والمنكرات ونحوها ، ربما تكون بحيث يحتاج ازالتها والمقابلة معها إلى رسول إلهي ، حتى يدعو الناس نحو الاصلاح وإقامة العدل ، ويدافع عن المظلومين والمحرومين ؛ لأن مجرد نزول الكتاب وتعليم الأحكام والتربية والتزكية بدون المجاهدة والقيام في مقابل المفاسد الاجتماعية ، غير كاف لدفعها ورفعها ، إذ بعض النفوس الشريرة كالمترفين والمفسدين لن يتوجهوا إلى ذلك كله ، ويظلمون ويصدون عن سبيل الله ويفسدون النسل والحرث ، كما نشاهد ذلك في يومنا هذا في الممالك الغربية والشرقية ، التي نبذ فيها الكتب السماوية ، فاللازم في أمثال ذلك هو إرسال الرسل أو الرجال الإلهية للقيام للاصلاح ، وهذه الغاية من مهمات الغايات.
قال الفاضل الشعراني ـ قدسسره ـ : «ليس في طبيعة الانسان شيء أعظم قيمة وقدرا من الاستقلال والحرية واقامة العدل وحفظ الحقوق ودفع الظلم والتجاوز ، ولذا لم ينس الناس حق الرسل الإلهية في اقامة العدل والاستقلال والحرية وان نسوا كل شيء من الخدمات المدنية والمادية عن الآخرين» (١).
(لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (٢).
كما يظهر من بعض الآيات أن كل امة من الامم الماضية ، لم تخل عن
__________________
(١) راجع كتاب «راه سعادت» : ص ٦١.
(٢) الحديد : ٢٥.