بصورة الكليات ، لعدم امكان تحملهم لها ، كما يشهد لذلك وقوع النسخ في الشرائع السابقة ، فإنه حاك عن كون المنسوخ مختص ببعض الازمنة ، ولذا إذا تغيرت الامور ، واحتاجت إلى البرامج الجديدة ، يحتاج إلى بعث النبي الجديد لتغيير البرامج طبق الاحتياجات ، ومنها أن تفاصيل الوحي النازل يحتاج إلى تبيين وتطبيق ، فيحتاج إلى بعث النبي الجديد لذلك ، وليس في الإسلام والقرآن شيء من هذه الامور ؛ لأن القرآن الكريم مصون عن التحريف بحفظه تعالى ، كما نص عليه (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (١).
وهكذا لا نقص ولا فقد في الإسلام بالنسبة إلى ما يحتاج إليه الناس إلى يوم القيامة ، فلا حاجة إلى ظهور شرع جديد لبيان حاجاتهم ، كما نص عليه في قوله تبارك وتعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (٢) فإنه يحكي عن جامعية الإسلام وكماله بنزول القرآن ونصب الإمام المبين يوم غدير خم.
وهكذا وردت روايات كثيرة دالة على أن كل ما يحتاجه الناس ، بيّنه الله للنبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ وهو بيّنه للناس ولو بواسطة أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ ومن جملتها : ما روي عن أبي جعفر ـ عليهالسلام ـ أنه قال : «إن الله لم يدع شيئا يحتاج إليه الامة إلى يوم القيامة إلّا أنزله في كتابه وبيّنه لرسوله» (٣).
ومنها أيضا : ما روي عن أبي جعفر ـ عليهالسلام ـ قال : سئل علي ـ عليهالسلام ـ عن علم النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ : فقال «علم النبي علم جميع النبيين ، وعلم ما كان وعلم ما هو كائن إلى قيام الساعة ، ثم قال : والذي نفسي بيده إني لأعلم علم النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ وعلم ما كان وما هو
__________________
(١) الحجر : ٩.
(٢) المائدة : ٣.
(٣) بصائر الدرجات : ص ٦.