وأما الشرائع السابقة كاليهودية والنصرانية ، فنحن قبل التصديق بالقرآن الكريم أو عند تجريد أنفسنا عن العقيدة الإسلامية ، لا حجة لنا لإقناع نفوسنا بصحتها ، ولا لإقناع المشكك المتسائل ، إذ لا معجزة باقية لها كالكتاب العزيز ، وما ينقله أتباعها من الخوارق والمعاجز للأنبياء السابقين ، فهم متهمون في نقلهم لها أو حكمهم عليها.
وليس في الكتاب الموجودة بين أيدينا المنسوبة إلى الأنبياء كالتوراة والإنجيل ، ما يصلح أن يكون معجزة خالدة تصح أن تكون حجة قاطعة ،
______________________________________________________
يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ» (١) ، وقال عزوجل : (وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) (٢). قال في البيان : «وقد آمن كثير من اليهود والنصارى بنبوته في زمن حياته وبعد مماته ، وهذا يدلنا دلالة قطعية على وجود هذه البشارة في الكتابين المذكورين في زمان دعوته ، ولو لم تكن هذه البشارة مذكورة فيهما لكان ذلك دليلا كافيا لليهود والنصارى على تكذيب القرآن في دعواه وتكذيب النبي في دعوته» (٣) وفي التوراة والإنجيل المحرفين مواضع يمكن استظهار البشارة منها على نبينا محمّد ـ صلىاللهعليهوآله ـ وقد تصدى جمع لذلك وأغمضنا عن ذكرها للاختصار (٤).
__________________
(١) الاعراف : ١٥٧.
(٢) الصف : ٦.
(٣) تفسير البيان : ص ٩٠.
(٤) راجع الهدى إلى دين المصطفى ، الرحلة المدرسية ، أنيس الاعلام ، بشارات العهدين ، كتاب راه سعادت : ص ١٦٨ ـ ١٩٠.