مكّة بالراية ، غَلظ على القوم وأظهَرَ ما في نفسه من الحنَق عليهم ، ودخل وهو يقول :
اَليومُ يومُ المَلْحَمه |
|
اَليومُ تـُسبَى (١) الحُرمه |
فسَمِعَها العباسُ رضياللهعنه فقال للنبي صلىاللهعليهوآله : أما تَسْمَعُ يا رسولَ اللّه ما يقولُ سَعدُ بن عُبادة؟ إنّي لا امَنُ أن يكونَ له في قريش صَوْلةٌ. فقال النبي صلىاللهعليهوآله لأمير المؤمنين عليهالسلام : « أدركْ ـ يا علي ـ سَعداً فخُذ الرايةَ منه ، وكُنْ أنت الذي يَدْخُلُ بها مكّة » فأدركه أميرُ المؤمنين عليهالسلام فأخَذَها منه ، ولم يَمْتَنعْ عليه سعدٌ من دفعها.
فكان تلافي الفارط من سَعد في هذا الأمر بأمير المؤمنين عليهالسلام ، ولم يَرَ رسولُ الله صلىاللهعليهوآله أحداً من المهاجرين والأنصار يَصْلَح لأخذ الراية من سيّد الأنصار سوى أمير المؤمنين عليهالسلام ، وعَلِمَ أنَّه لو رام ذلك غيره لامتَنَع سَعدٌ عليه (٢) ، فكان في امتناعه فسادُ التدبير واختلافُ الكلمة بين الأنصار والمهاجرين ، ولمّا لم يكن سعدٌ يَخفِضُ جَناحَه لأحدٍ من المسلمين وكافّةِ الناس سوى النبي صلىاللهعليهوآله ولم يكن وجهَ الرأي تَوَلّي رسولِ الله عليهالسلام أَخْذَ الرايةَ منه بنفسه ، وَلّى ذلك من يَقوُم مقامَه ولا يتميَّزُ عنه ، ولا
ــــــــــــــــــ
(١) في « ش » : تستحل ، وما أثبتناه من « م » وهامش « ش ».
(٢) في هامش « ش » و « م » : منه.