فصل
ثمّ اتصل بفتح مكّة إنفاذُ رسول الله صلىاللهعليهوآله خالدَ بن الوَليد إلى بني جَذِيمة بن عامر ـ وكانوا بالغُمَيْصاء (١) ـ يدعوهم إلى الله عزّوجلّ ، وإنّما أنفذه (٢) إليهم للترة (٣) التي كانت بينه وبينهم.
وذلك أنّهم كانوا أصابوا في الجاهلية نِسوةً من بني المُغيرة ، وقَتَلوا الفاكِهَ بنَ المُغيرة ـ عمَّ خالد بن الوليد ـ وقَتَلوا عَوْفأ ـ أبا عبد الرحمن ابن عَوْف ـ فأنفذه رسولُ الله صلىاللهعليهوآله لذلك ، وأنفذ معه عبد الرحمن بن عَوْف للتِرَة أيضاً التي كانت بينه وبينهم ، ولولا ذلك ما راى رسولُ اللّه صلىاللهعليهوآله خالداً أهلاً للإمارة على المسلمين. فكان من أمره ما قدّمنا ذكرَه ، وخالف فيه عَهْدَ الله وعَهْدَ رسوله ، وعَمِلَ فيه على سُنّة الجاهلية ، واطَّرَحَ حكم الإسلام وراءَ ظَهْره ، فبَرأ رسولُ الله صلّى الله لا عليه واله من صَنيعه ، وتلافى فارطَه بأمير المؤمنين عليهالسلام ، وقد شَرَحنا من ذلك فيما سلف ما يغني عن تكراره في هذا المكان.
ــــــــــــــــــ
(١) الغميصاء : موضع في بادية العرب قرب مكّة كان يسكنه بنوجَذِيمة بن عامربن عبدمَناة بن كِنانة الذين أوقع بهم خالد بن الوليد عام الفتح فقال رسول اللّه صلى اللة عليه وآله : « اللّهم إنّي أبرأ إليك ممّا صنع خالد » ووداهم على يدي علي بن أبي طالب. « معجم البلدان ٤ : ٢١٤ ».
(٢) في هامش « ش » و « م » : نفّذ.
(٣) التِّرة : الثأر. « مجمع البحرين ـ وتر ـ ٣ : ٥٠٨ ».