حرُوبه ، ونَبّه على وجوب طاعته وحَظْرِمعصيته ، وأنَّ الحَقَّ في حَيِّزه وجَنْبَتِه ، وشَهِدَ له بأنّه خيرُ الخليقة.
وهذا يُباين ما كان من خُصومة الغاصبين لمقامه من الفِعال ، ويُضادُّ ما كانوا عليه من الأعمال ، ويُخْرِجُهم من الفَضْل إلى النَقْص الذي يُوبِقُ صاحبَه ـ أو يكاد ـ فضلاً عن سُمُوّه على أعمال المُخْلِصين في تلك الغَزاة وقُرْبهم بالجهاد الذي تَوَلَّوه ، فبانوا به ممن ذكرناه بالتقصير الذي وصفناه.
فصل
ولمّا فَضَّ اللّه تعالى جمعَ المشركين بحُنَين ، تفرّقوا فِرْقتين : فأخَذَتِ الأعرابُ ومن تَبِعهم إلى أوْطاس (١) ، وأخَذَتْ ثَقيف ومن تَبِعها إلى الطائف. فبعَثَ النبيُ صلىاللهعليهوآله أبا عامرٍ الأشعريّ إلى أوْطاس في جماعة منهم أبو موسى الأشعري ، وبَعَث أبا سفيانَ صَخْرَ بنَ حَرْبٍ إلى الطائف.
فاما أبو عامر فإنّه تقدّم بالراية وقاتل حتّى قُتِل ، فقال المسلمون لأبي موسى : أنت ابنُ عَمّ الأمير وقد قُتِل ، فخُذِ الرايةَ حتّى نقاتِل دونَها ، فاخذها أبو موسى ، فقاتل المسلمًون حتّى فَتَح اللهُ عليهم.
وأما أبوسفيان فإنّه لَقِيَتْه ثقيف فضَرَبوه على وجهه ، فانهزم ورَجَعَ إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : بَعَثْتَني مع قومٍ لا يُرْقَعُ بهم
ــــــــــــــــــ
(١) أوطاس : وادٍ في ديار هَوازن كانت فيه وَقعة حُنَين. « معجم البلدان ١ : ٢٨١ ».