فإنّه لا يَراها أحدٌ إلاّ أكْمِهَ ».
ثمّ عاد إلى منزله عليه وآله السلام فَمَكَث ثلاثةَ أيّامٍ مَوعوكاً ، ثمّ خَرَج إلى المسجد معَصوبَ الرأس ، معتمِداً على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بيُمنى يَدَيْه ، وعلى الفَضْل بن عبّاس باليَد الأخرى ، حتّى صَعِد المِنْبرَ فجلس عليه ، ثمّ قال : « معاشِرَ الناس ، قد حان منّي خفوفٌ من بين أظهركم ، فمن كان له عندي عِدَةٌ فليَأْتنِي أُعْطِه إيّاها ، ومن كان له عَلَيّ دينٌ فليُخْبِرني به.
معاشِرَ الناس ، ليس بين الله وبين أحدٍ شيءٌ يُعطيه به خيراً أو يَصْرِفُ به عنه شرّاً إلاّ العمل.
أيّها الناس ، لا يَدَّعي مُدَّعٍ ولا يَتَمَنّى متَمَنٍّ ، والذي بعثني بالحقّ لايُنَجِّي إلاّ عمل مع رحمة ولوعَصَيْتُ لهَوَيْتُ ، اللهمّ هل بلّغت؟ ».
ثمّ نزل فصَلّى بالناس صلاةً خفيفةً ودخل بيتَه ، وكان إذ ذاك بيت أُمّ سَلَمة رضي الله عنها فأقام به يوماً أويومين.
فجاءت عائشة إليها تسألُها ان تَنْقله إلى بيتها لتتولّى تعليلَه ، وسألتْ أزواجَ النبي عليه واله السلام في ذلك فأذِنَّ لها ، فانتَقَل صلىاللهعليهوآله إلى البيت الذي أسكنه عائشة ، واستمَرَّ به المرضُ أيّاماً وثقل عليهالسلام.
فجاء بِلال عند صَلاة الصبح ورسولُ الله صلىاللهعليهوآله مغمورٌ بالمَرَض فنادى : الصلاة يَرْحَمكم الله ، فأُوذن رسولُ الله صلىاللهعليهوآله بندائه ، فقال : « يُصلّي بالناس بعضُهم فإنّني مشغولٌ بنفسي ».
فقالت عائشة : مُروا أبا بكر ، وقالت حَفْصةُ : مُروا عُمر.