فقال رسولُ الله صلىاللهعليهوآله حين سَمِع كلامَهما ورأى حِرصَ كلّ واحدة منهما على التَنْويه بأبيها وافتتانهما بذلك ورسولُ الله صلىاللهعليهوآله حيٌّ! : « اُكْفُفْنَ فإنكنَّ صُوَيْحِباتُ يوسُف » (١) ثمّ قام عليه وآله السلام مُبادراً خَوفاً من تقدّم أحد الرجلين ، وقد كان أَمَرهما عليهالسلام بالخروج إلى اُسامة ، ولم يكن عنده أنّهما قد تخلّفا.
فلمّا سَمِع من عائشة وحَفْصة ما سَمِع ، عَلِمَ أنّهما مُتأخِّران عن أمره ، فبَدَر لِكَفِّ الفِتنة وإزالة الشُبهة ، فقام عليهالسلام ـ وانّه لا يستقلُّ على الأرض من الضَعف ـ فأخَذ بيده عليّ بن أبي طالب عليهالسلام والفَضْل بن عبّاس فاعتمدهما ورجلاه تَخُطّان الأرض من الضعف.
فلمّا خرج إلى المسجد وَجَد أبا بكرٍ قد سَبَق إلى المحراب ، فأومأ إليه بيده أن تاَخَّرْ عنه ، فتأخَّرَ أبو بكرٍ وقام رسولُ الله صلىاللهعليهوآله مقامه فكَبَّرفابتدأ الصلاةَ التي كان قد ابتدأ بها أبو بكرِ ولم يَبْن على ما مَضى من فِعاله.
فلمّا سَلَّمَ انصرَفَ إلى منزله واستدعى أبا بكر وعُمر وجماعة ممّن حضر المسجدَ من المسلمين ثمّ قال : « ألم آمُر أن تُنَفذوا جَيْشَ اُسامة؟! » قالوا : بلى يا رسول اللّه. قال : « فِلمَ تَاَخَّرتم عن أمري؟ » فقال أبو بكر : إنّني كنتُ خرجتُ ثم غدْت لأجدِّدَ (٢) بك عهداً. وقال عُمر : يا
ــــــــــــــــــ
(١) رواه البخاري في صحيحه ١ : ١٧٢ب ٤٦ ، ومسلم في صحيحه ١ : ٣١٣ / ٩٤ ، ٩٥ ، ١٠١ ، والبيهقي في دلائل النبوة ٧ : ١٨٦.
(٢) في « م » و « ح » وهامش « ش » : لا حدث.