الصَّالِحَاتِ ثَمَّ اتَّقَوْا وآمَنُوا ) (١) فدرأ عمرُ عنه الحدّ ، فبَلَغ ذلك أميرَ المؤمنين عليهالسلام فمشى إِلى عُمَر فقال له : « لمَ تَرَكْتَ إِقامةَ الحدّ على قُدامة في شُربه الخمر؟ » فقال له : إِنّه تلا عليّ الآية ، وتلاها عمر على أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : « ليس قًدامَة من أَهل هذه الاية ، ولا مَنْ سَلَك سبيله في ارتكاب ما حرّم اللهُ عزّوجلّ ، إِنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات لا يستحلّون حراماً ، فاردُدْ قُدامة واستَتِبْه ممّا قال ، فإن تاب فأَقِمْ عليه الحدّ ، وإِن لم يَتُبْ فاقتًله فقد خَرَج عن المِلّة » فاستيقظ عُمَر لذلك ، وعرف قُدامة الخبر ، فأظهر التوبةَ والإقلاع ، فدرأَ عمر عنه القتلَ ، ولم يَدْرِ كيف يَحُدّه. فقال لأمير المؤمنين : أَشر عليَّ في حدّه ، فقال : « حدّه ثمانين ، إِنّ شاربَ الخمر إِذا شَرِبها سَكر ، وإِذا سَكَر هذى ، وإذا هَذى افترى » فَجَلده عمر ثمانين وصار إِلى قوله في ذلك (٢).
وروَوْا : أنَّ مجنونة على عهد عمر فَجَر بها رجلٌ ، فقامت البيّنةُ عليها بذلك ، فأمر عمر بجلدها الحَدّ ، فمُرّ بها على أمير المؤمنين عليهالسلام لتُجْلَد فقال : « ما بالُ مجنونة آل فلان تعتل (٣)؟ » فقيل له : أنّ رجلاً فجَر بها وهَرَب ، وقامت البيّنةُ عليها ، فأمر عمر بجلدها ، فقال لهم : « رُدّوها إليه وقولوا له : أما علمتُ أنّ هذه مجنونةُ آل فلان! وأنّ النبيَّ صلّى الله
ــــــــــــــــــ
(١) المائدة ٥ : ٩٣.
(٢) روي نحوه في الكافي ٧ : ٢١٥ / ١٠ ، التهذيب ١٠ : ٩٣ ، تفسير العياشي ١ : ٣٤١ / ١٨٩ ، علل الشرائع : ٥٣٩ / ٧ ، سنن الدار قطني ٣ : ١٦٦ ، والدر المنثور ٣ : ١٦١ ولم يذكرا اسم قدامة بن مظعون ، ونقله العلامة المجلسي في البحار٤٠ : ٢٤٩ / ٤٣ ، ٧٩ : ١٥٩ / ١٤.
(٣) تعتل : تجذب جذباً عنيفاً. « الصحاح ـ عتل ـ ٥ : ١٧٥٨ ».