وأمّا ابنُ ملجم ، فإنّ رجلاً من هَمْدان لَحِقَه فطَرَح عليه قَطيفة (١) كانت في يده ، ثمّ صَرَعه وأخذ السيفَ من يده ، وجاء به إلى أميرالمؤمنين عليهالسلام ، وأفَلَت الثالث فانسلّ بين الناس.
فلمّا اُدْخِلَ ابنُ مُلْجَم على أمير المؤمنين عليهالسلام نَظَر إليه ثم قال : « النفسُ بالنفس ، إن أنا مِتُ فاقْتلُوه كما قَتَلني ، وإن سَلِمْتُ رأيتُ فيه رأيي » فقال ابنُ مُلْجَم :
واللّه لقد ابتَعْتُه بالف وسَمَمْتهُ بالف ، فإن خانني فأبْعَدَه اللّه.
قال : ونادته اُمّ كلثوم : يا عدوَّ اللّه ، قتلتَ أميرَ المؤمنين عليهالسلام قال : إنما قتلتُ أباك ، قالت : يا عدوَّ الله ، إنّي لأرجوأن لا يكونَ عليه بأسٌ ، قال لها : فاراكِ إنّما تَبكين علي إذأ ، واللّه لقد ضربتهُ ضربةً لو قسِمَتْ بين أهل الأرض لأهلكَتْهم.
فاُخْرِجَ من بين يَدَي أمير المؤمنين عليهالسلام وإنّ الناسَ ليَنْهشون (٢) لحمَه باسنانهم كأنهم سِباع ، وهم يقولون : يا عدوَّالله ، ماذا فعلت (٣)!؟ أهلكتَ اُمّة محمّدٍ وقَتَلْتَ خيرَ الناس. وإنّه لصامت ما ينطق. فذُهِبَ به إلى الحبس.
وجاء الناسُ إلى أميرالمؤمنين عليهالسلام فقالوا له : يا أمير المؤمنين مُرْنا بامرك في عدوّ الله ، فلقد أهلك الأمّة وأفسد الملّة. فقال لهم أمير المؤمنين عليهالسلام : « إن عِشْتُ رأيت فيه رأي ، وإن هَلَكْث فاصنعوا
ــــــــــــــــــ
(١) القطيفة : كساء له خمل « النهاية ـ قطف ـ ٤ : ٨٤ ».
(٢) في هامش « ش » : لينهسون.
(٣) في م وهامش « ش » : صنعت.