قال : سمعت ابن أَبي ليلى يقول : قضى أمير المؤمنين عليهالسلام بقضيةٍ ما سبقه إليها أَحد ، وذلك أَنَّ رجلين اصطحبا في سفرفجلسا يتغدّيان ، فأخرج أَحدُهما خمسةَ أَرْغِفَة وأخْرج الاخَرُ ثلاثَةَ ارغفة ، فمرَّ بهما رجلٌ فسلّم فقالا له : الغداء ، فجلس معهما يأكل ، فلمّا فَرَغ من أَكله رمى إليهما ثمانيةَ دراهم وقال لهما : هذه عوَضٌ عمّا أَكلتُ من طعامكما ، فاختصما وقال صاحب الثلاثة : هذه نصفان بيننا ، وقال صاحبُ الخمسة : بل لي خمسة ولك ثلاثة ، فارتفعا إِلى أميرالمؤمنين عليهالسلام وقصّا عليه القِصّة ، فقال لهما : « هذا أَمرٌ فيه دَناءة ، والخُصومة غيرُ جميلة فيه ، والصلح أَحسن » فقال صاحبُ الثلاثة الأَرغفة : لست أَرضى إلاّ بمُرّ القضاء ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « فإِذا كنتَ لا ترضى إلاّ بمُرّ القضاء ، فإن لك واحداً من ثمانية ولصاحبك سبعة » فقال : سبحانَ الله ، كيف صار هذا هكذا؟ فقال له : « أُخبرك ، أليس كان لك ثلاثة أرغفة؟ » قال : بلى ، قال : « ولصاحبك خمسة أرغفة » قال : بلى ، قال : « فهذه أربعة وعشرون ثُلثاً ، أكلمت أنتَ ثمانية ، وصاحبك ثمانية ، والضيف ثمانية ، فلما أعطاكم الثمانية كان لصاحبك سبعة ، ولك واحد » فانصرف الرجلان على بصيرة من أمرهما في القَضيّة (١).
وروى علماءُ السيرة : أنّ أربعةَ نَفرٍ شَرِبوا المُسْكِر على عَهْد أمير المؤمنين عليهالسلام فسَكِروا فتباعجوا بالسَكاكين ، فنال الجِراحُ كلَّ
ــــــــــــــــــ
(١) روي نحوه في الكافي ٧ : ٤٢٧ / ١٠ ، الفقيه ٣ : ٢٣ / ٦٤ ، الاختصاص : ١٠٧ ، التهذيب ٦ : ٢٩٠ / ٨٠٥ ، كنز الفوائد ٢ : ٦٩ ، الاستيعاب ٣ : ٤١ ، مناقب آل أبي طالب ٢ : ٥٢ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٠ : ٢٦٣ / ٣٢.