الأنْبَارَ على أهلِها ليلاً في أربعةِ آلافٍ ، فأغارَ عليهم كما يُغارُ على الرًّوْمِ والخَزَرِ ، فقَتَل بها عامِلي ابنَ حَسَّان وقَتلَ معَه رجالاً صالحِينَ ذَوِي فَضْلٍ وعبادةٍ ونَجْدةٍ ، بوأ اللّهُ لهم جَنّاتِ النّعيم؟ وأنه أباحَها ، ولقد بَلَغَني أنّ العصبَةَ من أَهلِ الشّامِ كانوا يَدخلونَ على المرأةِ المُسلِمةِ والأخرى المُعاهَدَةِ ، فيَهتِكون سترها ، ويأخُذونَ القِناعَ من رأسها ، والخُرصَ (١) من أُذنِها ، والأَوْضاحَ (٢) من يَدَيْها ورِجلَيْها وعَضُديْها ، والخَلْخالَ والمِئزَرَ من سُوْقِها ، فما تَمْتَنِعُ إِلاّ بالاسترجاع والنِّداءِ : ياللمُسلِمينَ ، فلا يُغيثها مُغيث ، ولا يَنصُرُها ناصِرٌ. فلو أَنّ مؤمِناً ماتَ من دونِ هذا أسفاً ما كانَ عندي مَلُوْماً (٣) ، بل كانَ عندي بارّاً مُحسِناً. واعجباً كلَّ العَجَبِ ، مِن تضافر هؤلاءِ القومِ على باطِلهم وفَشَلِكم عن حقِّكم! قد صِرتُم غَرَضاً يُرمى ولا تَرْمُون ، وتُغْزَوْنَ ولا تَغْزُوْنَ ، ويُعصى اللّهُ وتَرْضَوْنَ ، تَرِبَتْ (٤) أيديكم يا أشباهَ الإبلِ غابَ عنها رُعاتها ، كلَّما اجتمعتْ من جانبٍ تَفرَّقتْ من جانب » (٥).
ــــــــــــــــــ
السلام على الانبار.
(١) الخرص : الحلقة من الذهب والفضة. « الصحاح ـ خرص ـ ٣ : ١٠٣٦ ».
(٢) الاوضاح : حلي من الفضة. « الصحاح ـ وضح ـ ١ : ٤١٦ ».
(٣) في هامش « ش » و « م » : مليماً.
(٤) في « م » وهامش « ش » : فتربت.
(٥) ورد مقطعاً في : الغارات ٢ : ٤٧٤ ، ٤٨٣ ، ٤٩٤ ، ومعاني الأخبار : ٣٠٩ / ١ ، ونثر الدر ١ : ٢٩١ ، ٢٩٨ ، ونهج البلاغة ا : ٢٦ / ٦٣ و ١٨٨ / ٩٣ ، وأورده الطبرسي في الاحتجاج : ١٧٣ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٨ : ٦٩٧ ( ط / ح ).