مَنابرِهم فكأنماُ (١) يُشال بضَبْعهِ إِلى السّماءِ ، وكنتُ أسمعهُم يَمدحونَ أسلافَهم على مَنابرِهم فكأنمّاُ (٢) يَكشِفونَ عن جِيفةٍ (٣).
وقالَ الوَليدُ بنُ عبدِ المَلِكِ لبنيه يوماً : يا بَنيَّ عليكم بالدِّينِ فإِنِّي لم أرَ الدِّينَ بنى شيئاً فهَدَمَتْه الدُّنيا ، ورأيتُ الدُّنَيا قد بَنَتْ بُنياناً هَدَمَهُ (٤) الدِّينُ. ما زِلتُ أسمعُ أصحابَنا وأهلَنا يَسُبُونَ عليَّ بنَ أبي طالبِ ويَدفِنونَ فضائلَه ، يحَمِلونَ النّاسَ على شَنآنِه ، فلا يَزيدُه ذلكَ منَ القَلوب إلاّ قُرباً ، ويجَتهدونَ في تَقرييِهمُ (٥) من نُفوسِ الختقِ فلا يَزيدُهم ذلكَ إلاّ بُعداًُ (٦).
وفيما انتهى إِليه الأمرُ في دفنِ فضائلِ أميرِ المؤمنينَ عليهالسلام والحيلولةِ بينَ العلماءِ ونشرِها ، ما لا شبهةَ فيه على عاقلٍ ، حتّى كانَ الرّجلُ اذا أرادَ أن يَرويَ عن أميرِ المؤمنينَ روايةً لم يَستطعْ أن يُضيفَها إِليه بذكرِ اسمِه ونَسَبِه ، وتَدعوه الضّرورةُ إِلى أن يقولَ : حدَّثَني رجلٌ من أصحابِ رسولِ اللهِ صلىاللهعليهوآله ، أو يقولَ : حدَّثَني رجلٌ من قًريْشٍ ، ومنهم من يقولُ : حدَّثَني أبو زينبَ.
وروى عِكْرِمَةُ عن عائشةَ ـ في حديثِها له بمرضِ رسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله ووفاتِه ـ فقالتْ في جملةِ ذلكَ : فخرجَ رسولُ اللّهِ صلىاللهعليهوآله متوكَّئاً على رجلَينِ من أهلِ بيتهِ ، أحدُهما الفَضْلً بنُ
ــــــــــــــــــ
(١) في هامش « ش » و « م » : وكانّما.
(٢) في « م » وهامش « ش » : وكانما.
(٣) نقله العلامة المجلسي في البحار ٤٢ : ١٨ ضمن حديث ٦.
(٤) في هامش « ش » فهدمه.
(٥) كذا في الاصل ، ولعل الانسب : تَقَرُّبهمِ.
(٦) نقله العلامة المجلسي في البحار ٤٢ : ١٨ / ذيل الحديث ٦.