العَبَّاسِ. فلما حَكَى عنها ذلكَ لعبدِاللّهِ بن عبّاسٍ رحمهالله قالَ له : أتعرف الرّجلَ الآخرَ؟ قال : لا ، لم تسمًّهِ لي ، قالَ : ذلكَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ ، وما كانتْ أُمُّنا تَذكرُه بخيرٍ وهي تَستطيعُُ (١).
وكانتِ الوُلاةُ الجَوَرةُ تَضرب بالسِّياطِ من ذكره بخيرِ ، بل تَضرب الرِّقابَ على ذلكَ ، وتَعترضُ النّاسَ بالبراءةِ منه ؛ والعادةَ جاريةٌ فيمنِ اتّفقَ له ذلكَ إلا يُذْكَرَ على وجهٍ بخيرٍ ، فضلاً عن أن ْتذكَرَله فضائلٌ أوتُروى له مَناقبٌ أو تُثْبَتَ له حجّةٌ بحقٍّ. وإذا كانَ ظهورُ فضائلِه عليهالسلام وانتشارُ مناقبِه على ما قدَّمنا ذِكرهَ من شياع ذلكَ في الخاصّةِ والعامّةِ وتسخيرِ العدوِّ والوليِّ لنقلِه ، ثَبتَ خرقُ العادِة فيه ، وبانَ وجهُ البرهانِ في معناه ، بالآيةِ الباهرةِ على ما قدَّمناه.
فصل
ومن آياتِ اللّهِ تعالى فيهِ عليهالسلام أنّه لم يمْنَ أحدٌ في ولدِه وذًريَّتهِ بما منيَ عليهالسلام في ذريَّتِه ، وذلكَ أنّه لم يُعْرَفْ خوفٌ شَمِلَ جماعةً من ولدِ نبيٍّ ولا إِمامٍ ولا مَلِكِ زمانٍ ولا بَرٍّ ولا فاجرٍ ، كالخوفِ الّذي شَمِلَ ذرِّيَّةَ أميرِ المؤمنينَ عليهالسلام ، ولا لحقَ أحداً منَ القتلِ والطّردٍ عن الدِّيارِ والأوطانِ والإخافةِ والإرهاب ما لحقَ ذُرِّيَّةَ أميرِ المؤمنين عليهالسلام وولدَه ، ولم يَجْرِ على طائفةٍ منَ الَنّاسِ من ضروبِ
ــــــــــــــــــ
(١) اخرجه البخاري في صحيحه ٦ : ١٣ ، وباختلاف يسير في صحيح مسلم ١ : ٣١١ / ٤١٨. ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٢ : ١٨ ضمن حديث ٦.