فنادى : « أقبِلْ يا جويريةُ حتى أُحدًثكَ بحديثِكَ » فأقبَلَ ، فقالَ : « وأنتَ ـ والّذي نفسي بيدِه ـ لَتُعْتَلَنَّ إِلى العًتُلِّ الزّنيمِ ، ولَيَقْطَعَنَّ يدَكَ ورِجلَكَ ، ثمّ لَيَصْلبَنَّكَ تحتَ جذع كافرٍ » فمضى على ذلكَ الدّهرُحتّى وُليَ زياد في أيّام معاويةَ ، فقطعَ يدَه ورجلَه ثمّ صلبَه إِلى جذعِ ابنِ مُكَعْبَرٍ (١) ، وكان جذعاً طويلاً فكانَ تحتَه (٢).
ومن ذلكَ ما رَوَوْه : أنّ مِيْثَمَ (٣) التّمّارَ كانَ عبداً لامرأةٍ من بني أسَدٍ ، فاشتراه أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام منها وأعتقَه وقالَ له : « ما اسمكَ؟ » قالَ : سالِم ، قال : « أخبرَني رسولُ اللّهِ صلىاللهعليهوآله أنّ اسمَكَ الّذي سمّاكَ به أبَوَاكَ في العَجمِ مِيْثَم » قالَ : صدَقَ اللّه ورسوله وصَدَقْتَ يا أميرَ المؤمنينَ ، واللّهِ إِنّه لاسمي ، قالَ : « فارجِعْ إِلى اسمِكَ الّذي سمّاكَ به رسولَ اللهِ صلىاللهعليهوآله ودَعْ سالِماً » فرجعَ إِلى مِيْثَم واكتنى بأبي سالِم.
فقالَ له عليّ عليهالسلام ذاتَ يومِ : « إِنّكَ تُؤخَذُ بعدي فتُصْلَب وتُطْعَن بحَرْبةٍ ، فإِذا كانَ اليومُ الثالثَُ ابتدرَ مَنْخِراكَ وفَمُكَ دماً فيَخْضبُ لحيتَكَ ، فانتظرْ ذلكَ الخِضابَ ، وتُصْلَبُ على باب دارِ عَمْرِو ابن حُرَيْثٍ عاشر عَشرةٍ أنتَ أقصرُهم خَشَبَةً وأقربهم مِنَ الَمَطْهَرة (٤) ، وامضِ حتّى أُرِيَكَ النّخلةَ التّي تُصْلَبُ على جِذْعِها » فأراه إِيّاها.
فكان مِيْثَم يأتيها فيصلِّي عندَها ويقولُ : بوركتِ من نخلةٍ ، لكِ
ــــــــــــــــــ
(١) في هامش « ش » و « م » : معكبر.
(٢) اخرجه ابن ابي الحديد في شرح النهج ٢ : ٢٩١ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٢ : ١٤٨ / ١١.
(٣) في « م » : ميثماً.
(٤) المطهرة : اناء يتطهر به وتزال به الأقذار « مجمع البحرين ـ طهر ـ ٣ : ٣٨٢ ».