خُلِقْتُ ولي غُذَيْتِ. ولم يَزَلْ يَتعاهَدُها حتّى قُطِعَتْ وحتّى عرفَ المَوضع الّذي يُصْلَبُ عليها (١) بالكُوفةِ. قالَ : وكانَ يَلقى عَمْرَو بنَ حُرَيْثٍ فيقول له : إِنِّي مُجاوِرُكَ فأحْسِنْ جِواري ، فيقولُ له عَمْروٌ : أتُريدُ أن تَشتريَ دارَ ابنِ مَسْعود أو دارَ ابنِ حكيم؟ وهو لا يَعلمُ ما يُريدُ.
وحَجّ في السّنةِ التّي قُتِلَ فيها فدخلَ على أُمَ سَلَمَةَ رضيَ الله عنها فقالتْ : مَنْ أنتَ؟ قال : أنا مِيْثَم ، قالتْ : واللّهِ لَربما سمعتُ رسولَ اللهِ صلىاللهعليهوآله يُوْصِي بِكَ علياً في جَوْفِ الليل. فسألَها عنِ الحُسينِ ، قالتْ : هو في حائطٍ له ، قالَ : أخبِرِيهِ أنِّي قد أَحبَبْتُ السّلامَ عليه ، ونحنُ مُلتَقُونَ عندَ ربِّ العالَمِينَ إِنْ شاءَ الله. فدَعَتْ له بطيبٍ فطيّبتْ لحيتَه ، وقالتْ له : أمَا إِنها ستُخْضَبُ بدم.
فقَدِمَ الكوفةَ فأخذَه عبيْدُ اللّه بن زياد فاُدخلَ عليه فقيلَ : هذا كانَ من آثَر النّاس عندَ عليّ ، قالَ : ويَحْكم ، هذا الأعجميّ؟ قيلَ له : نعم ، قالَ له عُبَيْدُ اللّهِ : أَينَ ربُّكَ؟ قالَ : بالمِرصادِ لِكلِّ ظالم وأنتَ أحدُ الظَّلَمةِ ، قالَ : إِنكَ على عُجمتِكَ لَتَبْلُغُ الّذي تُريدُ ، ما أخبركَ صاحبُك أنِّي فاعلٌ بكَ؟ قالَ : أخبرَني أنّكَ تَصلِبُني عاشِرَ عَشرة ، أنا أقصرُهم خَشَبَة وأقربُهم مِنَ المَطْهَرَةِ ، قالَ : لَنُخالِفَنَّه ، قالَ : كيفَ تُخالِفُه؟ فواللّهِ ما أخبرَني إلاّ عنِ النبي صلىاللهعليهوآله عن جَبْرئيْلَ عنِ اللّهِ تعالى ، فكيفَ تُخالِفُ هؤلاءِ!؟ولقد عَرفتُ الموضعَ الّذي أُصلَبُ عليه أينَ هو مِنَ الكُوفةِ ، وأنا أوّلُ خَلْقِ الله أُلْجَمُ (٢) في الإسلام ، فحبسَه وحبسَ معَه المُختارَ بنَ أبي عُبَيْدٍ ، فقالَ مِيْثَم التّمّارُ للمُختارِ : إِنّكَ تُفْلِتُ وتَخْرُجُ ثائراً بدم الحُسين فتَقتُلُ هذا الّذي يَقتُلُنا. فلآ دعا عُبَيْدُالله
ــــــــــــــــــ
(١) كذا في النسخ.
(٢) في « م » وهامش « ش » : أُلجِمَ.