ثمّ سارَ عليهالسلام والرّاهبُ بينَ يديهِ في جملةِ أصحابه حتّى لَقِيَ أهلَ الشّام ، فكانَ الرّاهب من جملةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ معَه ، فتولى عليهالسلام الصّلاةََ عليهِ ودَفنَه وأكثرَ منَ الاستغفارِ له ، وكانَ إِذا ذكرَه يقولُ : « ذاكَ مولاي » (١).
وفي هذا الخبرِ ضرُوبٌ منَ المعجزِ : أحدُها : علمُ الغيبِ ، والثّاني : القوّةُ الّتي خَرَقَ العادةَ بها وتميّزَ بخصوصيَّتِها منَ الأنامِ ، معَ ما فيه من ثبوتِ البشارةِ به في كُتُب اللّهِ الأولى ، وذلكَ مِصداقُ قولهِ تعالى : ( ذَلِكَ مَثًلهُمْ فيِ التَّورَاةِ وَمَثَلُهُمْ فيِ الإنْجِيْلِ ) (٢) وفي ذلكَ يقولُ إِسماعيلُ بنُ محمّدٍ الحِمْيريّ في قصيدتِه البائيّةِ المُذهبَةِ :
[١] وَلَقَدْسَرَى فِيْما ( يًسَيِّرُ
ليلَةً ) (٣) |
|
بَعْدَ العِشَاءِ بِكَربلا فِيْ
مَوْكِبِ |
[٢] حتَى أتَى متبتلاً فيْ قَائم |
|
ألْقَى قَوَاعِدَهُ بِقَاع مُجْدِب |
[٣] يأتيه ليس بِحَيْثُ ( يُلْفِيْ عامراً ) (٤) |
|
( غيرالوحوشِ ) (٥) وغير أصْلَعً أشيَبِ |
[٤] فدَنَا فَصَاحَ بهِ فَأشْرَفَ مَاثِلاً |
|
كَالنَّسْرِفَوْقَ شَظِيَّةٍ مِنْ
مَرْقَبٍ |
[٥]هَلْ قُرْبَ قَائِمِكَ الَّذِيْ بُوِّئتهُ |
|
مَاءٌ يُصَاب فقالَ مَامِنْ مَشْرَب |
[٦] إلاّبِغَايَةِ فَرْسَخَيْنِ ومَنْ لَنَا |
|
بِاْلمَاءِ بَيْنَ نَقَاًوَقِيّ
سَبْسَبِ |
ـــــــــــــــــ
(١) نقل هذه الحادثة باختلاف في الالفاظ كل من الرضي في خصائص الائمة : ٥٠ ، وابن شاذان في فضائله : ١٠٤ ، والراوندي في الخرائج ١ : ٢٢٢ / ٦٧ ، والطبرسي في اعلام الورى : ١٧٨ ، وكذلك نقلها نصر بن مزاحم في وقعة صفين : ١٤٤ ، وعن ابن ابي الحديد في الشرح ٣ : ٢٠٤ ، ونقلها العلامة المجلسي في البحار ٤١ : ٢٦٠ / ٢١ ؛ ولمزيد من المصادر انظر احقاق الحق ٨ : ٧٢٢.
(٢) الفتح ٤٨ : ٢٩.
(٣) في هامش « ش » و « م » : يَسِيْرُ بلَيْلَةٍ.
(٤) في هامش « ش » و « م » : يُلْقَىَ عَامر غَيْرُ.
(٥) في « ش » : الّا الوًحُوْشَ.