خَرْقُ العادةِ لأميرِ المؤمنينَ عليهالسلام بما عددناه ـ من علمِ الغيوب وغيرِذلكَ ـ كخَرْقِ العادةِ لِطالوتَ بحملِ التّابوتِ سواءً ، وهذا بَيِّنٌ والله وليُّ التّوفيق.
ولا أَزالُ أجِدُ الجاهلَ منَ النّاصِبةِ والمعُاندَ يُظهرُ العجبَ (١) منَ الخبرِ بمُلاقاةِ أميرِ المؤمنينَ عليهالسلام الجنِّ وكفِّه شرَّهم عنِ النّبيِّ صلىاللهعليهوآله وأصحابِه ، وَيتضَاحَكُ لذلكَ ، ويَنْسبُ الرواية له إلى الخرافاتِ الباطلةِ ، وَيصنعُ مثلَ ذلكَ في الأخبارِ الواردةِ بسوى ذلكَ من معجزاتِه عليهالسلام ويقول : إِنّها من موضوعاتِ الشيعةِ ، وتَخَرُّص مَنِ افتراه منهم للتّكسُّب بذلكَ أوِ التّعصُّبِ ؛ وهذا بعينِه مَقالُ (٢) الزّنادقةِ وكافّةِ أعداءِ الإسلامِ فيمَا نطقَ به القرآنُ من خبرِ الجنِّ وإسلامِهم وقولهم ( إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَبَاً * يَهْدِيْ إلىَ الرُّشْدِ ) (٣) وفيما ثبتَ به الخبرُ عن ابنِ مَسْعود في قصّتِه ليلةَ الجنِّ ، ومشاهدتِه لهم كالزط (٤) ، وفي غيرِذلكَ من معجزاتِ الرّسولِ عليهِ وآلهِ السّلامُ ، فإِنّهم يظهِرونَ العَجَبَ من جميعِ ذلكَ ، ويَتضاحَكونَ عندَ سماعِ الخبرِبه والاحتجاجِ بصّحتهِ ، ويَستهزِئونَ ويْلغِطُونَ فيما يُسرِفُونَ به مِن سَبِّ الإسلام وأهلِه ، واستحماقِ مُعتقِدِيه والنّاصِرينَ له ، ونِسبتِهِم إِيّاهم إِلى العجزَِ والجهلِ ووضعِ الأباطيلِ ، فلينظُرِ القومُ ما جَنَوْه على الإسلامِ بعداوتِهم أميرَ المؤمنينَ عليهالسلام واعتمادِهم في دفعِ فضائلِه ومناقبِه وآياتِه على ما
__________________
(١) في « م » وهامش « ش » : التعجب.
(٢) في « م » و « ح » : فعال.
(٣) الجن ٧٢ : ١ ـ ٢.
(٤) دلائل النبوة لابي نعيم ٢ : ٤٧١ / ٢٦٢ ، الفخر الرازي في تفسيره ٣ : ١٥٢ ، الدر المنثور ٨ : ٣٠٧ ، مجمع الزوائد ٨ : ٣١٤ رواه عن الطبراني.