إِلى صلاةِ العصر جالساً يومئُ برُكوعِه وسُجُودِه إِيماءً ، فلمّا أفاقَ من غَشْيَتِه قالَ لأَميرِ المؤمنينَ عليهالسلام : « أفاتَتْكَ صلاةُ العصر؟ » قال له : « لم أسْتَطِعْ أنْ أُصَلِّيَها قائماً لِمَكانِكَ يا رسولَ اللهِ ، والحالِ اَلّتي كنتَ عليها في استماعِ الوحي » فقالَ له : « ادعُ اللهَ لِيَرُدَّ عليكَ الشّمسَ حتّى تُصَلِّيَها قائماً في وقتها كما فاتَتْكَ ، فإِنّ اللهَ يُجيْبُكَ لِطاعتِكَ للّهِ ورسوله » فسَألَ أميرُ المؤمنينَ اللهَ عزّ اسمُه في ردِّ الشّمَس ، فرُدَّتْ عليه حتّى صارتْ في موضعِها منَ السّماءِ وقتَ العصرِ ، فصلّىَ أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام صلاةَ العصرِ في وقتِها ثمّ غربتْ. فقالتْ أسماءُ : أمَ واللهِ لقد سَمِعْنا لها عندَ غُروبِها صرَيراً كصرَيرِ المِنْشارِ في الخَشَبَةِ (١).
وكانَ رُجوعُها عليهِ بعدَ النّبيِّ صلىاللهعليهوآله : أنّه لمّا أرادَ أنْ يَعبُرَ الفُراتَ ببابلَ ، اشتغلَ كثيرٌ من أصحابه بتعبيرِ دوابِّهم ورِحالهِم ، وصلّى عليهالسلام بنفسِه في طائفةٍ معَه العصَرَ ، فلم يَفرغِ النّاسُ من عُبورِهم حتّى غَربتِ الشّمسُ ، ففاتَتِ الصّلاةُ كثيراً منهم ، وفاتَ الجمهورَ فضلُ الاجتماع معهَ ، فتكلّموا في ذلكَ. فلمّا سَمعَ كلامَهم فيه سألَ اللهَ تعالى ردَّ الشَّمسِ عليه ، ليجتمعَ (٢) كافّةُ أصحابِه على صلاةِ العصرِ في وقتِها ، فأنجابَه اللهُ تعالى إِلى ردِّها عليه ، فكانتْ (٣) في الأفقِ على الحالِ الّتي تكونُ عليها وقتَ العصرِ ، فلمّا سلّمَ بالقوم غابتْ فسُمِعَ لها وَجِيْبٌ (٤) شَديدٌ هالَ النّاسَ ذلكَ ، وأكثَروا منً
__________________
(١) في « م » وهامش « ش » : الخشب.
(٢) في « ش » : لتجمع.
(٣) في « م » وهامش « ش » : وكانت.
(٤) الوجيب : صوت السقوط. انظر « مجمع البحرين ـ وجب ـ ٢ : ١٨٠ ».