وآله فأمرأن يُنادى بالصلاة جامعةً ، فنودي في الناس فاجتمعوا إلى المسجد حتّى امتلأ بهم ، ثمّ صَعِدَ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله المِنْبرَ وأخَذَ الكتابَ بيده وقال : « أيّها الناس ، إنّي كنتُ سألتُ اللّه عزّ وجلّ أن يُخْفِيَ أخبارَنا (١) عن قريش وإنّ رجلاً منكم كتب إلى أهل مكّة يُخْبِرهُم بخبرنا ، فليَقُمْ صاحبُ الكتاب ، وإلاّ فضَحَه الوحي » فلم يَقُمْ أحدٌ ، فأعاد رسولُ اللّه صلىاللهعليهوآله مقالته ثانيةً ، وقال : « ليَقُمْ صاحبُ الكتاب وإلاّ فَضَحَه الوحي » فقام حاطِب بن أبي بَلْتَعَةَ وهو يُرْعَدُ كالسَعفة في يوم الريح العاصف فقال : يا رسول اللّه أنا صاحبُ الكتاب ، وما أحْدَثتُ نفاقاً بعدَ إسلامي ، ولا شكّاً بعد يقيني. فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : « فما الذي حَمَلَك على أن كتبتَ هذا الكتاب؟ » فقال : يا رسول اللّه ، إنّ لي أهلاً بمكّة ، وليس لي بها عَشيرة ، فاشفقت أن تكون الدائرةُ لهم علينا ، فيكونُ كتابي هذا كفاً لهم عن أهلي ، ويداً لي عندهم ، ولم أفعل ذلك لشكٍ في الدين.
فقال عمر بن الخَطّاب : يا رسولَ اللّه مُرني بقتله فإنّه قد نافق.
فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : « إنّه من أهل بدر ، ولعلّ اللّه تعالى اطّلع عليهم فغفرلهم. أخرِجُوه من المسجد ».
قال : فجعل الناس يَدْفَعون في ظَهْره حتّى أخرجوه ، وهو يَلتفِت (٢) إلى النبي صلىاللهعليهوآله ليرقّ عليه (٣) ، فامرالنبي صلّى اللّه عليه
ــــــــــــــــــ
(١) في هامش « ش » و « م » : نسخة اخرى : آثارنا.
(٢) في هامش « ش » و « م » : يتلفّت.
(٣) في هامش « ش » و « م » : نسخة اخرى : له.