وآله بردّه وقال له : « قد عَفَوْتُ عنك وعن جُرمك ، فاستغفرْ ربّك (١) ولاتعُدْ لمثل ما جَنَيْتَ » (٢).
فصل
وهذه المنقبة لاحقة بما سلف من مناقبه عليهالسلام وفيها أنّ به عليهالسلام تَمَّ لرسول الله صلىاللهعليهوآله التدبيرُ في دخول مَكّة ، وكُفِيَ مؤونة القوم وما كان يَكْرَهُهُ من معرفتهم بقَصْده إليهم حتى فجأهم بَغْتةً ، ولم يَثِق في استخراج الكتاب من المرأة إلا بأميرالمؤمنين عليهالسلام ولا استنصح في ذلك سواه ، ولا عَوَّل على غيره ، فكان به عليهالسلام كفايتُه المهمّ ، وبلوغهُ المرادَ ، وانتظامُ تدبيره ، وصلاحُ أمر المسلمين ، وظهورُ الدين.
ولم يكن في إنفاذ الزُبَير مع أمير المؤمنين عليهالسلام فضل يُعْتدّ به ، لأنّه لم يَكْفِ مهمّاً ، ولا أغنى بمُضيّه شيئاً ، وإنمّا أنفذه رسول الله صلىاللهعليهوآله لأنّه في عِداد بني هاشم من جهة اُمّه صَفِيّة بنتِ عبد المطّلب ، فأراد عليهالسلام أن يَتَولّى العملَ ـ بما استسرّ به من تدبيره ـ خاص أهله ، وكانت للزبير شَجاعةٌ وفيه إقدام ، مع النسب الذي بينه وبين أمير المؤمنين عليهالسلام فعَلِم أنّه يُساعده على ما بعثه له ، إذْ كان تمامُ
ــــــــــــــــــ
(١) في هامش « ش » : نسخة اخرى : فاستغفر اللّه لذنبك.
(٢) انظر تاريخ اليعقوبي ٢ : ٥٨ ، صحيح البخاري ٥ : ١٨٤ ، صحيح مسلم ٤ : ١٩٤١ / ٢٤٩٤ ، مسند أحمد ١ : ٧٩ ، سيرة ابن هشام ٤ : ٤٠ ، تاريخ الطبري ٣ : ٤٨ ، دلائل النبوة للبيهقي ٥ : ١٤ ، المستدرك على الصحيحين ٣ : ٣٠١.