فصل
ومثلُ ذلك ـ أيضاً ـ ما جاء في قِصّة البراءة (١) وقد دَفَعها النبيُّ صلىاللهعليهوآله الى أبي بكر لينْبذَ بها عَهْدَ المشركين ، فلمّا سار غيربعيدِ نَزَل جبرئيل عليهالسلام على النبي صلىاللهعليهوآله فقال له : إنّ الله يقُرِئُك السلام ، ويقولُ لك : لا يُؤدِّي عنك إلاّّ أنت أو رجلٌ منك. فاستدعى رسولُ الله صلّى اللة عليه وآله عليّاً عليهالسلام وقال له : « ارْكَبْ ناقتي العَضْباء والْحَقْ أبا بكر فخُذْ براءة من يده ، وامضِ بها إلى مكة ، فانْبِذْ عهدَ المشركين إليهم ، وخَيّرأبا بكر بينَ أن يَسيرمع رِكابك ، أو يَرْجِعَ إليّ ».
فرَكِب أميرُ المؤمنين عليهالسلام ناقَةَ رسول الله صلىاللهعليهوآله العَضْباء ، وسارحتّى لَحِقَ أبا بكر ، فلمّا رآه فَزِغَ من لحوقه به ، واستقبله وقال : فيمَ جئتَ يا أبا الحسن؟ أسائرٌ معي أنت ، أم لغير ذلك؟ فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : « إنّ رسولَ اللّه صلىاللهعليهوآله أمَرَني أن ألْحَقَك فاقْبضَ منك الآياتِ من براءة ، وأنْبِذَ بها عهدَ المشركين إليهم ، وأمَرَني أَن أخَيِّرك بين أن تَسير معي ، أو تَرْجِع إليه ».
فقال : بل أرجعُ إليه ، وعاد إلى النبي صلىاللهعليهوآله ، فلما دَخَلَ عليه قال : يا رسول اللّه ، إنّك أهّلْتَني لأمرٍ طالت الأعناقُ فيه
ــــــــــــــــــ
(١) في « م » و « ش » : براءة ، وما اثبتناه من « ح ».