الصفين ، فنادى : يا اصحاب محمّد ، إنّكم تَزْعمُون أنّ الله تعالى يُعَجّلنا بسيوفكم إلى النار ، ويُعَجّلكم بسيوفنا إلى الجنّة ، فأيّكم يَبْرُز إلي؟ فبرز إليه أميرالمؤمنين عليهالسلام فقال : « واللّه لا أفارقُك اليومَ حتى أُعَجّلك بسيفي إلى النار » فاختلفا ضربتين ، فضربه علي بن أبي طالب على رِجْلَيه فقطعهما ، وسقَطَ فانكشف عنه ، فقال : أنشدك اللّه ـ يا بن عَمّ ـ والرَحِم. فانصرف عنه إلى موقفه ، فقال له المسلمون : ( ألا أجزت ) (١) عليه؟ فقال : « ناشدني الله والرَحِم ، وواللّه لا عاش بعدها أبداً » فمات طَلحة في مكانه ، وبشر النبيُ صلىاللهعليهوآله بذلك فَسُرَّبه وقال : « هذا كَبْش الكَتِيبة » (٢).
وقد روى محمّد بن مَروان ، عن عُمارَة ، عن عِكْرِمَة قال : سمعتُ علياً عليهالسلام يقول : « لما انهزم الناس يوم أُحد عن رسول الله صلىاللهعليهوآله لَحِقني من الجَزَع عليه ما لم أمْلِك نفسي ، وكنتُ أمامه أضرِب بسيفي بين يديه ، فرَجَعتُ أطلُبه فلم أرَه ، فقلت : ما كان رسول اللّه ليفِرَّ ، وما رأيتُه في القتلى ، وأظُنُّه رُفع من بيننا إلى السماء ، فكَسَرْت جَفْنَ سيفي ، وقلتُ في نفسي لأقاتلنّ به عنه حتّى أقْتَل ، وحَمَلْتُ على القوم فافَرجوا فإذا أنا برسول الله صلىاللهعليهوآله قد وقع على الأرض مَغْشِيّاً عليه ، فقمتُ على رأسه ، فنظرإليّ وقال : ما صَنَع الناس يا علي؟ فقلت : كَفَروا ـ يا رسول الله ـ ووَلَّوُا الدُبُر
ــــــــــــــــــ
(١) في « ش » و « م » : اجزت ، وهي لغة في اجهزت ، فكلاهما بمعنى واحد ، وما أثبتناه من هامشهما.
(٢) ورد في الفصول المهمة : ٥٧ ، وباختلاف يسير في تاريخ الطبري ٢ : ٥٠٩ ، تفسير القمي ١ : ١١٢ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ١٢٣ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار٢٠ : ٨٦.